وفي الباب أحاديث .
وعن ، قال: جاء رجل من أهل البادية ، فقال : إن امرأتي حبلى ، فأخبرني ما تلد ، وبلادنا مجدبة ، فأخبرني متى ينزل الغيث ، وقد علمت متى ولدت ، وأخبرني متى أموت ، فأنزل الله هذه الآية . مجاهد
وعن عكرمة نحوه ، وزاد : وقد علمت ما كسبت ، فماذا أكسب غدا ؟ .
وزاد أيضا : أنه سأل عن قيام الساعة .
وقيل : نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة من أهل البادية .
واللفظ أوسع من التخصيص ، والآية نص في محل النزاع .
وفيها أدل دليل على نفي علم الغيب عنه صلى الله عليه وسلم، فضلا عن غيره من الرسل والأمم .
قال بعض أهل العلم في هذه الآية : إن ، ليس باختيار أحد من الخلق . العلم بالأمور الغيبية هو شأن الله تعالى
هذه القيامة إتيانها مشهور ، بلغ حد التواتر لا ريب فيها ، ولكن لا يعلم وقت مجيئها إلا هو ، فضلا عن أشياء أخرى ، ليست في هذه المثابة من الشهرة واليقين ، كفتح أحد ، وهزيمة آخر ، وصحة أحد ، ومرض آخر ، أو حياة أحد ، وموت آخر ؛ فإن هذه لا تساوي القيامة في الشهرة ولا في اليقين مثلها . [ ص: 416 ]
وكذلك لا علم لأحد بنزول المطر ، مع أن موسمه متعين ، ووقته معروف ويمطر غالبا في تلك المواسم والأحيان .
وكلهم من نبي ، وولي ، وسلطان ، وحكيم ، وطبيب ، وعالم ، وجاهل ، وبدوي ، وقروي يحتاج إليه . فلو كان للعلم إلى وقت نزوله سبيل ، فلا بد أن يعلم به أحد ، وإذ ليس ، فليس ، فكيف بالأشياء التي لا موسم لها ، ولا يحتاج إليها جميع الناس ؟ كموت أحد ، وحياته ، وولادة أحد ، وكونه غنيا ، أو فقيرا ، أو فتح أحد وهزيمته في الحرب ، وعند الالتحام ، فأنى لهم التناوش من مكان بعيد .
وكذلك ما في أرحام الأمهات ، فإنه لا يعلم أحد أهو ذكر أم أنثى ، مادة كاملة أو ناقصة ، حسن الصورة ، أو قبيح الشكل ؟ مع أن الأطباء يحكون الأسباب والعلامات لذلك، ولكن لا يقدرون على العلم بحال أحد مخصوص به .
وإذا لم يعلموا ذلك، فما ظنك بما هو مستور في الآدمي من الخيالات ، والإرادات والنيات ، والإيمان ، والنفاق ؟ فإنهم لا يتمكنون منها أصلا .
وكذلك إذا لم يعلم أحد بحال نفسه أنه ماذا يفعل غدا ، وماذا يكسب من خير أو شر ، فكيف يعلم بحال غيره ؟ . وإذا لم يدر بمكان موته ، فكيف يدري مكان موت أحد ووقته ؟