الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=373 (والجمع بين الماء والحجر) أو ما في معناه (مستحب) ، وفي شرح الرافعي: أفضل، وفي كتب أصحابنا: غسل المحل بعد التنقية بنحو الحجر أدب (فقد ورد أنه لما نزل قوله عز وجل: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في مسنده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: ما هذه الطهارة التي أثنى الله بها عليكم؟ قالوا) : إنا نتبع الحجارة الماء أي (نجمع بين الماء والحجر) وسنده ضعيف، كما قاله العراقي وابن الملقن، وقال العراقي: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب وجابر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس في الاستنجاء بالماء ليس فيه ذكر الحجر . قلت: وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=665395نزلت هذه الآية في أهل قباء nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فيه رجال يحبون أن يتطهروا قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: [ ص: 346 ] حديث غريب، وقال العراقي وابن الملقن: وفي ذلك رد على قول النووي تبعا nindex.php?page=showalam&ids=12795لابن الصلاح: إن الوارد في جمع أهل قباء بين الماء والأحجار لا أصل له في كتب الحديث، وإنما قاله أصحابنا وغيرهم في كتب الفقه والتفسير .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: وفيه من طريق المعنى أن العين تزول بالحجر، والأثر بالماء، فلا يحتاج إلى مخامرة عين النجاسة، وهي محبوبة، فإن اقتصر على أحدهما فالماء أولى; لأنه يزيل العين والأثر، والحجر لا يزيل إلا العين . قال القسطلاني: والذي اتفق عليه جمهور السلف والخلف أن الجمع بين الماء والحجر أفضل فيقدم الحجر لتخف النجاسة وتقل مباشرتها بيده، ثم يستعمل الماء وسواء فيه الغائط والبول، كما قاله ابن سراقة وسليم الرازي وكلام nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال الشاشي في محاسن الشريعة يقتضي تخصيصه بالغائط .
(تنبيه)
ومنهم من كره nindex.php?page=treesubj&link=407الاستنجاء بالماء ونفى وقوعه عن النبي صلى الله عليه وسلم متمسكين بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال: إذا لا يزال في يدي نتن، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان لا يستنجي بالماء، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: ما كنا نفعله، وعن سعيد بن المسبب أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال: إنه وضوء النساء، ونقل ابن التين عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه أنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13056ابن حبيب أنه منع من الاستنجاء بالماء; لأنه مطعوم، وقال بعضهم: لا يجوز الاستنجاء بالأحجار مع وجود الماء، والسنة قاضية عليهم استعمل النبي صلى الله عليه وسلم الأحجار nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة معه ومعه إداوة من ماء. أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16570عطاء بن أبي ميمونة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وعند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=657406فخرج علينا، وقد استنجى بالماء، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة في صحيحه من حديث جرير وفيه: nindex.php?page=hadith&LINKID=709478فأتيته بماء فاستنجى بها، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=676861ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من غائط قط إلا من ماء. والله أعلم .
(تنبيه) آخر
قد تقدم أن الجمع بينهما أدب، وقال الشمني في شرح النقاية: وقيل: هو سنة في زماننا لما روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في سننه nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في المصنف عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء . قلت: وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=704343مرن أزواجكن أن يغسلن أثر الغائط والبول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
(فصل)
لم يشر المصنف هنا إلى كل ما يستنجى عنه، وقد أورده في كتبه الثلاثة البسيط والوسيط والوجيز ونحن نذكر خلاصته من تقرير nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي قال: الخارج من البدن، إما ريح فلا استنجاء منه، أو عين فإن وجب بخروجها الطهارة الكبرى كالمني والحيض فيجب الغسل ولا يمكن الاقتصار على الحجر قلت: قال النووي: صرح صاحب الحاوي وغيره بجواز nindex.php?page=treesubj&link=408الاستنجاء بالحجر من دم الحيض، وفائدته فيمن انقطع حيضها واستنجت بالحجر، ثم تيممت لسفر أو مرض صلت ولا إعادة .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: وإن لم تجب به الطهارة الكبرى نظر إن لم تجب به الصغرى أيضا نظر، فإن كان طاهرا فذاك، وإن كان نجسا كدم الفصد والحجامة فيزال، كما يزال سائر النجاسات ولا مدخل للحجر فيه، وإن وجبت به الطهارة الصغرى، فإن خرج من الثقبة التي تنفتح ويحكم بانتقاض الطهارة بالخارج منها فيزال كسائر النجاسات أللأحجار فيه مدخل؟ فيه وجوه ثلاثة، وإن خرج من السبيلين نظر إن لم يكن ملوثا كالدود والحصاة التي لا رطوبة معها ففي وجوب الاستنجاء فيه قولان أصحهما لا يجب لا بالماء ولا بالحجر; لأن المقصود من الاستنجاء إزالة النجاسة أو تخفيفها عن المحل، فإذا لم يتلوث المحل ولم يتنجس فلا معنى للإزالة ولا للتخفيف، والثاني يجب; لأنه لا يخلو عن رطوبة، وإن قلت وخفيت، وإن كان ملوثا فينظر إن كان نادرا كالدم والقيح ففيه قولان أحدهما يتعين إزالته بالماء رواه الربيع، والثاني رواه المزني وحرملة وهو الصحيح أنه يجوز الاقتصار فيه على الحجر نظرا إلى المخرج المعتاد، فإن خروج النجاسات منه على الانقسام إلى الغالبة والنادرة مما يتكرر ويعسر البحث عنها والوقوف على كيفياتها فيناط الحكم بالمخرج، ومنهم من قطع بهذا وحمل ما رواه الربيع على ما إذا كان بين الأليتين لا في الداخل، ومن جملة النجاسات النادرة nindex.php?page=treesubj&link=559المذي فيجيء فيه هذا الاختلاف، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال تفصيل في النجاسات [ ص: 347 ] النادرة، وهو أن ما يخرج منها مشوبا بالمعتاد كفى الحجر فيه، وإن تمحض النادر فلا بد من الماء هذا في الخارج النادر، أما المعتاد، فإن لم يعد المخرج فعليه أحد الأمرين إما إزالته بالماء كسائر النجاسات، وإما التخفيف بجامد، وإن عدا المخرج نظر إن لم ينتشر أكثر من القدر المعتاد فكذلك يتخير بين الأمرين وذلك القدر من الانتشار يتعذر أو يتعسر الاحتراز عنه، ونقل المزني أنه إذا عدا المخرج لا يجزئ فيه إلا الماء فمنهم من أثبته قولا آخر وزعم أن الضرورة تختص بالمخرج ولا تسامح فيما عداه بالاقتصار على الأحجار والأكثرون امتنعوا من إثباته قولا وانقسموا إلى مغلط ومؤول، وإن انتشر أكثر من القدر المعتاد، وهو أن يعدو المخرج وما حواليه فينظر إن لم يجاوز الغائط الأليتين ففي جواز الاقتصار على الأحجار قولان أحدهما الجواز رواه الربيع واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه لهذا القول بأن قال: لم يزل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة البطون، وكان أكثر أقواتهم التمر، وهو ما يرفق البطن ومن رق بطنه انتشر خلاؤه عن الموضع وما حواليه ومع ذلك أمروا بالاستجمار، والثاني ذكره في القديم أنه لا يجوز; لأنه انتشار لا يعم ولا يغلب، وإذا اتفق وجب غسله كسائر النجاسات وفيه طريقان أخريان إحداهما القطع بالقول الأول رواها الشيخ أبو محمد والمسعودي والثانية القطع بالقول الثاني حكاها كثيرون من الأئمة، وأما البول فالحشفة فيه بمثابة الأليتين في الغائط والأمر فيه على هذا الاختلاف، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11817أبي إسحاق المروزي أنه إذا جاوز البول الثقب لم يجز فيه الحجر قولا واحدا، والخلاف والتفصيل في الغائط، والفرق أن البول ينفصل على سبيل التزريق فيبعد فيه الانتشار، وإن جاوز الغائط الأليتين والبول الحشفة تعينت الإزالة بالماء كسائر النجاسات; لأنه نادر بمرة ولا فرق بين القدر المجاوز وغيره، ومنهم من جعل ما لم يجاوز على الخلاف، ثم حيث يجوز الاقتصار على الحجر فذلك بشرط أن لا تنتقل النجاسة عن الموضع الذي أصابته عند الخروج، فلو قام وانضمت أليتاه عند الخطو وانتقلت النجاسة تعين الماء وبشرط أن لا يصيب موضع النجو نجاسة من خارج حتى لو عاد إليه رشاش ما أصاب الأرض تعين الماء وبشرط أن لا يجف الخارج عن الموضع، فإن جف تعين الماء، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14396الروياني أنه إن كان يقلعه الحجر يجزئ وإلا فلا، واختار هذا الوجه، والله أعلم .
(فصل)
وقال أصحابنا: nindex.php?page=treesubj&link=594إن جاوز النجس المخرج أكثر من قدر الدرهم فواجب غسله; لأن ما على المخرج إنما اكتفي فيه بغير الغسل للضرورة ولا ضرورة في المجاوز ولو جاوز المخرج قدر الدرهم فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف لا يجب غسله، وعند محمد: يجب بناء على أن المخرج كالظاهر، وهو قول محمد، أو كالباطن، وهو قولهما، وفي القنية: ولو أصاب المخرج نجاسة من غيره أكثر من قدر الدرهم فالصحيح أنه لا يطهر إلا بالغسل ولو كانت المقعدة كبيرة وفيها نجاسة لم تجاوز المخرج وهي أكثر من قدر الدرهم فعن الفقيه أبي بكر محمد بن الفضل: لا تجزئه الأحجار، وعن أبي شجاع nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي: تجزئه، والله أعلم .
(خاتمة الباب)
قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: nindex.php?page=treesubj&link=359لا فرق بين الخنثى المشكل وبين واضح الحال في الاستنجاء من الغائط، وأما في البول فليس للمشكل أن يقتصر على الحجر إذا بال من مسلكيه أو أحدهما; لأن كل واحد منهما إذا أفردناه بالنظر احتمل أن يكون زائدا فسبيل النجاسة الخارجة منه سبيل دم الفصد والحجامة نعم يجيء في مسلكيه الخلاف في جواز الاقتصار على الحجر في الثقبة المنفتحة مع انفتاح المسلك المعتاد، إذا قلنا: ينتقض الطهارة بالخارج منها، وأما واضح الحال فالرجل مخير إن شاء اقتصر على الماء، وإن شاء استعمل الأحجار أو ما في معناها، وكذلك البكر; لأن البكارة تمنع من نزول البول في الفرج، وأما الثيب فالغالب أنها إذا بالت تعدى البول إلى فرجها الذي هو مدخل الذكر ومخرج الولد; لأن ثقبة البول فوقه فيسيل إليه، فإن تحققت أن الأمر كذلك لم يجزها إلا الماء، وإن لم تتحقق جاز لها الاقتصار على الحجر; لأن موضع خروج البول لا يختلف بالثيابة والبكارة، وانتشار البول إلى غيره غير معلوم، وحكي وجه أنه لا يجوز لها الاقتصار على الحجر بحال، ثم القدر المغسول من الرجل ظاهر، وهو من المرأة ما يظهر إذا جلست على القدمين، وفيه وجه: تغسل الثيب باطن [ ص: 348 ] فرجها، كما تخلل أصابع رجليها; لأنها صارت ظاهرا بالثيابة، والله أعلم .