الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأنه بائن عن خلقه بصفاته ليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته وأنه مقدس عن التغير والانتقال لا تحله الحوادث ولا تعتريه العوارض بل لا يزال في نعوت جلاله منزها عن الزوال وفي صفات كماله مستغنيا عن زيادة الاستكمال .

وأنه في ذاته معلوم الوجود بالعقول مرئي الذات بالأبصار نعمة منه ولطفا بالأبرار في دار القرار وإتماما منه بالنعيم بالنظر إلى وجهه الكريم .

التالي السابق


(وأنه) تعالى (بائن عن خلقه بصفاته) العلية (ليس في ذاته سواه -جل وعز- ولا في سواه ذاته) الشريفة (وأنه) تعالى (مقدس) منزه (عن التغير) من حال إلى حال (والانتقال) من مكان إلى مكان، وكذا الاتصال والانفصال؛ فإن كلا من ذلك من صفات المخلوقين. [ ص: 26 ]

(لا تحله الحوادث) ولا تقوم به; لأنه لو جاز ذلك لزم عدم خلوه عن الحادث؛ لاتصافه قبل ذلك الحادث بضده الحادث؛ لزواله وبقابليته هو (ولا تعتريه العوارض) وهي الآفات العارضة والأكدار والكثافات والأدناس، وهو سبحانه وتعالى منزه عن ذلك (بل لا يزال في نعوت جلاله) وأوصاف كماله (منزها عن) نقص (الزوال وفي زيادة كماله مستغنيا عن زيادة الاستكمال) إذ كل كمال فإنما يفاض، منه بدأ وإليه يعود (وإنه) تعالى (في ذاته معلوم الوجود بالعقول) إن طلب من خزانة العقل بطريق الاستدلال (مرئي الذات بالأبصار منة منه) وفضلا (ولطفا بالأبرار) في دار الدنيا (في دار القرار) عقلا وسمعا، وعليه أجمعت العلماء، وفي جواز الرؤية في الدنيا -سمعا- اختلاف، فأثبته قوم، ونفاه آخرون، كما سيأتي تفصيله (وإتماما للنعيم بالنظر إلى وجهه الكريم) ؛ لقوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .




الخدمات العلمية