الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم يأخذ غرفة لفيه بيمينه فيتمضمض بها ثلاثا ويغرغر بأن يرد الماء إلى الغلصمة إلا أن يكون صائما فيرفق ويقول : اللهم أعني على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك ثم يأخذ غرفة لأنفه ويستنشق ثلاثا ويصعد الماء بالنفس إلى خياشيمه .

التالي السابق


(ثم يأخذ غرفة) من ماء (لفيه) أي فمه (فيتمضمض بها) أي يردده في فمه (ثلاثا) أي ثلاث مرات بثلاث غرفات (ويغرغر بأن يرد الماء إلى الغلصمة) أي رأس الحلق (إلا أن يكون صائما فيرفق) أي لا يبالغ في الغرغرة خشية إلحاق الفساد بالصوم، وقد ورد هذا الاستثناء في بعض الأحاديث نبه عليه ابن القطان، وقال: سنده صحيح، ثم كونه يتمضمض ثلاثا هو الذي روي من فعله صلى الله عليه وسلم، ولو تمضمض ثلاثا بغرفة كان مقيما لسنة المضمضة لا سنة تكرير الغرفات عندنا فيكون دون الأول، صرح به الشيخ حسن في شرح مراقي الفلاح (ويقول: اللهم أعني على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك) هكذا هو في القوت، وكذا في العوارف إلا أنه زاد قبله: اللهم صل على محمد وآل محمد، وجاء في حديث علي رضي الله عنه الذي تقدم سنده آنفا وفيه، فإذا تمضمضت فقل: اللهم أعني على تلاوة ذكرك، وأخرج ابن عساكر من طريق محمد ابن الحنفية عن أبيه وفيه: فلما تمضمض قال: اللهم لقني حجتي، وفي الذخائر لمجلي عند المضمضة: اللهم أعني على تلاوة القرآن والذكر (ثم) يأخذ (غرفة) أخرى من الماء (لأنفه ويستنشق ثلاثا) أي يجذب الماء إلى مارن أنفه، وهذا معنى قوله (ويصعد الماء بالنفس إلى خياشيمه) جمع خيشوم، وهو أعلى الأنف وظاهره أن كل هذا بغرفة واحدة وعندما قيدوه بثلاث غرفات لعدم انطباق الأنف على باقي الماء بخلاف المضمضة ولا يبالغ في الاستنشاق إذا كان صائما لما في السنن الأربعة عن لقيط بن صبرة رفعه: أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما، وقال الولي العراقي في شرح البهجة: تتأدى سنة المضمضة والاستنشاق بالفصل، وهو أن تكون غرفات المضمضة غير غرفات الاستنشاق، وبالجمع، وهو عكسه، والأفضل عند الرافعي الفصل بغرفتين وقيل: ست غرفات، وعند النووي بثلاث غرفات، وهو ظاهر الأحاديث وقيل: بغرفة، ومن السنن المبالغة فيها للمفطر بأن يبلغ الماء في المضمضة أقصى الحنك مع إمرار الأصبع على الأسنان، وفي الاستنشاق يصعده بالنفس إلى الخيشوم مع إدخال الأصبع اليسرى وإزالة ما فيه من الأذى، وأما الصائم فلا يبالغ خشية الإفطار سواء فيه صوم الفرض والتطوع .

وفي تقييد بعض أصحابنا المضمضة والاستنشاق سنتان مشتملتان على سنن خمس: الترتيب والتثليث وتجديد الماء وفعلها باليمنى والمبالغة فيهما لغير الصائم، وسر تقديمها اعتبار أوصاف الماء; لأن لونه يدرك بالبصر، وطعمه بالفم، وريحته بالأنف، وقال ابن أمير حاج: وقدمت المضمضة على الاستنشاق لشرف منافع الفم على منافع الأنف التي لا تحصى .




الخدمات العلمية