الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومزدلفة ولدخول مكة وثلاثة أغسال أيام التشريق ولطواف الوداع على قول والكافر إذا أسلم غير جنب والمجنون إذا أفاق ولمن غسل ميتا فكل ذلك مستحب .

التالي السابق


ثم شرع المصنف في ذكر الأغسال المندوبة فقال : (و) الغسل لوقوف (مزدلفة) ؛ لأنه ثاني الجمعين وهو بعد طلوع فجر يوم النحر ؛ لأنه وقت الوقوف بها ، وإنما ندب فيها لكونه فيها غفرت الدماء والمظالم بدعائه صلى الله عليه وسلم في أمته واستحباب الله دعاءه فيها (لدخول مكة ) شرفها الله تعالى لطواف الزيارة فيؤدي الفرض بأكمل الطهارتين ويقوم بتعظيم حرمة المكان ، وكذا عند دخولها لأداء نسك (وثلاثة أغسال لأيام التشريق) ، أي : لرمي أيامه لكل يوم غسل مستقل وهي بعد يوم النحر قيل سميت ؛ لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها أي تقدد في الشرقة وهي الشمس وقيل : تشريقها تقطيعها وتشريحها (و) الغسل (لطواف الوداع على قول) والصحيح أنه مندوب (والكافر إذا أسلم ) طاهرا (غير جنب) ، فإنه يندب له الاغتسال ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر قيس بن عاصم وثمامة بذلك حين أسلما وحمل ذلك على الندب ، وكذا إذا أسلمت طاهرة من حيض ونفاس هكذا ذكره شمس الأئمة السرخسي في شرحه على المبسوط ، وفي المحيط له ، فإذا أجنب ، ثم أسلم فالصحيح أنه يجب عليه الغسل ؛ لأن الجنابة صفة باقية بعد إسلامه كبقاء صفاء الحدث بخلاف الحيض ، ولكن قال قاضيخان : الأحوط الوجوب في الفصول كلها (والمجنون إذا أفاق) من جنونه قال في الدر المختار ، وكذا المغمى عليه ، كما في غرر الأذكار وهل السكران كذلك لم أره اهـ .

وقال الرافعي : زوال العقل بالجنون والإغماء يوجب الغسل حكاه بعضهم عن أبي هريرة ، وروى آخرون وجهين في الجنون والإغماء جميعا قال : ووجه وجوبه أن زوال العقل يفضي إلى الإنزال غالبا فأقيم مقامه كالنوم أقيم مقام خروج الخارج والمذهب المشهور أنه لا يجب به الغسل ويستصحب يقين الطهارة إلى أن يستقين الإنزال والقول بأن الغالب منه الإنزال ممنوع (و) يندب الغسل (لمن يغسل ميتا) ، أي : عند الفراغ من غسله لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : من غسل ميتا فليغتسل ومن مسه فليتوضأ ، وقد حملوه على الاستحباب وحمله أحمد على الوجوب ، وهو القول القديم للشافعي (فكل ذلك [ ص: 386 ] مستحب) ، وقد بقي عليه من الأغسال المستحبة الغسل لمن بلغ بالسن ، وهو خمس عشرة سنة على المفتى به عندنا في الجارية والغلام ، وعند الفراغ من الحجامة ، وفي ليلة النصف من شعبان تعظيما لها ، وفي ليلة القدر ولدخول المدينة المشرفة ولصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء وللفزع من أي شيء كان وظلمة حصلت نهارا ومن ريح شديد في أي وقت كان وللتائب من ذنب وللقادم من سفر وللمستحاضة إذا انقطع دمها ولمن يراد قتله ويكفي غسل واحد للعيد والجمعة إذا اجتمعتا ، كما يكفي لفرضي جماع وحيض .




الخدمات العلمية