الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وينبغي أن لا يبالغ في خفض المرأة قال صلى الله عليه وسلم لأم عطية وكانت تخفض يا أم عطية أشمي ولا تنهكي ، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج أي أكثر لماء الوجه ودمه وأحسن في جماعها فانظر إلى جزالة لفظه صلى الله عليه وسلم في الكناية وإلى إشراق نور النبوة من مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا حتى انكشف له وهو أمي من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه خيف ضرره فسبحان من أرسله رحمة للعالمين ليجمع لهم بيمن بعثته مصالح الدنيا والدين صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


(وينبغي أن لا يبالغ في خفض المرأة ) ، أي : ختانها (قال صلى الله عليه وسلم لأم عطية) الأنصارية (وكانت تخفض) ، أي : تختن النساء : (يا أم عطية أشمي ولا تنهكي ، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزواج) قال العراقي : رواه الحاكم والبيهقي من حديث الضحاك بن قيس ولأبي داود نحوه من حديث أم عطية وكلاهما ضعيف اهـ .

والإشمام هو أن يكون بين بين والنهك هو المبالغة في العمل قاله الزمخشري ، وقد أخرج الطبراني في الكبير أيضا من هذا الطريق ولفظه : اخفضي ولا تنهكي ، فإنه أنضر للوجه وأحظى [ ص: 419 ] عند الزواج ، ولفظ الضحاك بن قيس كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض الجواري فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، والضحاك بن قيس راوي هذا الحديث قيل : هو الفهري وقيل غيره ، وقال الحافظ ابن حجر : ورواه أبو داود في السنن وأعله بمحمد بن حسان فقال : مجهول ضعيف ، وقال في موضع آخر : كلاهما ضعيف ومعنى أسرى للوجه (أي أكثر لماء الوجه ودمه) ؛ لأن شهوتها تبقى بالإشمام فيرجع الدم إلى الوجه ويظهر فيه الطراوة (و) معنى قوله : وأحظى عند الزوج ، أي : (أحسن في جماعها) وذلك لأن الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فكرهت الجماع فقلت حظوتها عند بعلها ، كما أنها إذا تركتها بحالها فلم تأخذ منها شيئا بقيت غلتها فقد لا تكتفي بجماع حليلها فتقع في الزنا فأخذ بعضها تعديل للخلقة والشهوة (فانظر إلى جزالة لفظه صلى الله عليه وسلم في الكناية) مع كمال الإيجاز والاختصار والتلويح إلى اختيار الوسط الذي هو العدل (و) انظر (إلى إشراق نور النبوة في مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا) ودقائقها (حتى انكشف له) من وراء حجاب (وهو) صلى الله عليه وسلم مع ذلك (أمي) لم يقرأ ، ولم يكتب ولا جلس بين يدي معلم (من هذا الأمر النازل قدره) يشير إلى الحديث المتقدم (ما لو وقعت الغفلة عنه) ، ولم ينبه على ذلك (خيف ضرره) واشتد شرره (فسبحان من أرسله رحمة للعالمين) محضة (ليجمع لهم بيمن بعثته) ، أي : بركتها (مصالح الدنيا والدين) من كل ما يحتاج إليه الإنسان منهما (صلى الله عليه وسلم) وشرف وكرم ومجد وعظم .



(مهمة)

قال السهيلي في الروض نقلا عن نوادر أبي زيد : أول امرأة خفضت من النساء وثقبت أذنها وجرت ذيلها هاجر وذلك أن سارة غضبت عليها فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها فأمرها إبراهيم عليه السلام أن تبر قسمها بثقب أذنها وخفاضها فصارت سنة في النساء اهـ .




الخدمات العلمية