الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثالث : أن يصبر بعد لبس الثياب حتى تنبعث به راحلته إن كان راكبا ، أو يبدأ بالسير إن كان راجلا ، فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج ، أو بالعمرة قرانا ، أو إفرادا كما أراد .

التالي السابق


(الثالث : أن يصبر بعد لبس ثوبي الإحرام حتى تنبعث به راحلته إن كان راكبا ، أو يبتدئ بالسير إن كان راجلا ، فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج ، أو العمرة قرانا ، أو إفرادا كما أراد) اعلم أن من سنن الإحرام التي لم يشر إليها المصنف أن يصلي ركعتين قبل الإحرام لما في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي الحليفة ركعتين ، ثم أحرم ، وعند أحمد وأبي داود ، والحاكم من حديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه ، أوجب في مجالسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، وإنما يستحب ذلك في غير وقت الكراهة ، وأما في وقت الكراهة ، فأصح الوجهين الكراهة إن كان في غير الحرم ، ولو كان إحرامه في وقت فريضة ، وصلاها أغنته تلك عن ركعتي الإحرام . قال النووي : والمستحب أن يقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد ، والله أعلم .

ثم إذا صلى نوى ، ولبى ، وفي الأفضل قولان أصحهما أن ينوي ويلبي حين تنبعث به راحلته إن كان راكبا ، وحين يتوجه إلى الطريق إن كان ماشيا ، لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يهل حتى انبعثت به دابته كما هو في الصحيحين من حديث ابن عمر ، وعند البخاري من حديث جابر أهل من ذي الحليفة حين استوت به راحلته ، ورواه عن أنس نحوه .

وروى أبو داود ، والبزار ، والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ طريق الفرع أهل إذا استوت به راحلته . قال إمام الحرمين : وليس المراد من انبعاث الدابة ثورانها ، بل المراد استواؤها في صوب مكة ، والثاني : إن الأفضل أن ينوي ويلبي كما تحلل من الصلاة وهو قاعد ، ثم يأخذ في السير ، وبه قال مالك وأبو حنيفة ، وأحمد ، لما روى أصحاب السنن من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل في دبر الصلاة . وعند الحاكم : فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه . ويشتهر القول الأول بالجديد ، والثاني بالقديم ، ويروى أيضا عن المناسك الصغير من الأم ، وأجازه طائفة من الأصحاب ، وحملوا اختلاف الرواية على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد التلبية عند انبعاث الدابة ، فظن من سمع أنه حينئذ ، كما رواه أبو داود ، والبيهقي في حديث ابن عباس ، والأكثرون على ترجيح الأول .




الخدمات العلمية