الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والاستطاعة صالحة للضدين على البدل، واختاره القلانسي وابن شريح البغدادي، كما في "التبصرة البغدادية"، وكثير منهم، كما في "شرح المواقف"، واختيار العبد مؤثر، فالقدرتان المؤثرتان في محلين، وهو الكسب، لا مقارنة الاختيار بلا تأثير أصلا، واختاره الباقلاني كما في "المواقف" وهو مذهب السلف، كما في "المنطوقة" للمحقق المرغوي، واختاره الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني وإمام الحرمين في قوله الأخير: إن اختياره مؤثر في المراد بمعاونة قدرة الله تعالى، ولا تجتمع القدرتان المؤثرتان بالاستقلال، ولا يلزم تماثل القدرتين; لأن المماثلة بالمساواة من وجه يقوى المتماثلان فيه، وإن لم يكن من كل وجه، ولا يزيد ولا ينقص الإيمان، أي: التصديق البالغ حق الجزم، واختاره إمام الحرمين والرازي والآمدي والنووي، كما في شرح السبكي وغيره، وليس مشككا متفاوت الأفراد قوة وضعفا؛ فإنه في التصديق بمعنى العلم، وهو شرط للتصديق بالكلام النفسي المعتبر في الإيمان، كما في "التعديل"، و"المسايرة" على ما اختاره الأشعري في رواية الباقلاني، وكثير منهم، كما في "المسايرة" وغيره .

والتفاوت في العصر الأول بزيادة المؤمن به، وبعده بحسب الكيفيات من الإشراف واستدامة الثمرات، ويعتمد إيمان النائي عن العمران تقليدا للمخبر، واختاره مالك والشافعي وابن حنبل والقطاني والمحاسبي، والكرابيسي والقلانسي كما في "التبصرة البغدادية"، ولا استثناء في الإيمان بوجود اعتبار الحال؛ لإيهامه الشك، ولو باعتبار المآل، واختاره الباقلاني وابن مجاهد، كما في "التبصرة البغدادية"، والشقي في الحال قد يسعد، واختاره الباقلاني، كما في شرح السبكي، وينعم الكافر في الدنيا; لكونها نعمة في الحال، وتقبل توبة اليأس، واختاره كثير منهم كما في "شرح المقاصد"، والأنبياء معصومون عن الصغائر قصدا، وعن الكبائر قطعا، واختاره الأستاذ. قال النووي: وهو مذهب المحققين من المتكلمين والمحدثين .

التالي السابق


الخدمات العلمية