الدرجة السادسة : كقوله : دع عنك هذا أو لأكسرن رأسك أو لأضربن رقبتك ، أو لآمرن بك وما أشبهه وهذا ينبغي أن يقدم على تحقيق الضرب إذا أمكن تقديمه والأدب في هذه الرتبة أن لا يهدده بوعيد لا يجوز له تحقيقه كقوله : لأنهبن دارك ، أو لأضربن ولدك ، أو لأسبين زوجتك ، وما يجري مجراه ، بل ذلك إن قاله عن عزم فهو حرام وإن قاله من غير عزم فهو كذب نعم إذا تعرض لوعيده بالضرب والاستخفاف فله العزم عليه إلى حد معلوم يقتضيه الحال وله أن يزيد في الوعيد على ما هو في عزمه الباطن إذا علم أن ذلك يقمعه ويردعه وليس ذلك من الكذب المحذور بل المبالغة في مثل ذلك معتادة ، وهو معنى التهديد والتخويف ، وتأليفه بين الضرتين وذلك مما قد رخص فيه للحاجة وهذا في معناه فإن القصد به إصلاح ذلك الشخص وإلى هذا المعنى أشار بعض الناس أنه لا يقبح من الله أن يتوعد بما لا يفعل لأن الخلف في الوعيد كرم ، وإنما يقبح أن يعد بما لا يفعل . مبالغة الرجل في إصلاحه بين شخصين
وهذا غير مرضي عندنا فإن الكلام القديم لا يتطرق إليه الخلف وعدا كان أو وعيدا ، وإنما يتصور هذا في حق العباد ، وهو كذلك إذ الخلف في الوعيد ليس بحرام .