بخلاف زمن الصحابة رضي الله عنهم فإن الحاجة ما كانت ماسة إليه . فينبغي أن يكون التدريس فيه والبحث عنه أيضا من فروض الكفايات
فاعلم أن الحق أنه لا بد في كل بلد من قائم بهذا العلم مستقل يدفع شبه المبتدعة التي ثارت في تلك البلدة وذلك يدوم بالتعليم ولكن ليس من الصواب تدريسه على العموم كتدريس الفقه والتفسير فإن هذا مثل الدواء والفقه مثل الغذاء وضرر الغذاء لا يحذر ، وضرر الدواء محذور ؛ لما ذكرنا فيه من أنواع الضرر .
فالعالم الذي ينبغي أن يخصص بتعليم هذا العلم من فيه ثلاث خصال :
إحداها : التجرد للعلم والحرص عليه فإن المحترف يمنعه الشغل عن الاستتمام وإزالة الشكوك إذا عرضت .
الثانية الذكاء والفطنة والفصاحة فإن البليد لا ينتفع بفهمه والفدم لا ينتفع بحجاجه فيخاف عليه من ضرر الكلام ، ولا يرجى فيه نفعه .
الثالثة : أن يكون في طبعه الصلاح والديانة والتقوى ولا تكون الشهوات غالبة عليه فإن الفاسق بأدنى شبهة ينخلع عن الدين ؛ فإن ذلك يحل عنه الحجر ويرفع للسد الذي بينه وبين الملاذ فلا يحرص على إزالة الشبهة بل يغتنمها ؛ ليتخلص من أعباء التكليف فيكون ما يفسده مثل هذا المتعلم أكثر مما يصلحه .