الخلق . وعلامة صدق الإرادة في دوام النكاح
تزوج بعض المريدين بامرأة فلم يزل يخدمها حتى استحيت المرأة ، وشكت ذلك إلى أبيها ، وقالت : قد تحيرت في هذا الرجل ، أنا في منزله منذ سنين ، ما ذهبت إلى الخلاء قط ، إلا وحمل الماء قبلي إليه وتزوج بعضهم امرأة ذات جمال ، فلما قرب زفافها أصابها الجدري فاشتد حزن أهلها لذلك خوفا من أن يستقبحها فأراهم الرجل أنه قد أصابه رمد ثم أراهم أن بصره قد ذهب ، حتى زفت إليه ، فزال عنهم الحزن فبقيت عنده عشرين سنة ثم توفيت ، ففتح عينيه حين ذلك ، فقيل له في ذلك فقال : تعمدته لأجل أهلها ؛ حتى لا يحزنوا . فقيل له : قد سبقت إخوانك بهذا الخلق وتزوج بعض الصوفية امرأة سيئة الخلق ، فكان يصبر عليها فقيل له : لم لا تطلقها فقال : أخشى أن يتزوجها من لا يصبر عليها فيتأذى بها فإن تزوج المريد ، فهكذا ينبغي أن يكون وإن قدر على الترك فهو أولى له إذا لم يمكنه الجمع بين فضل النكاح وسلوك الطريق وعلم أن ذلك يشغله عن حاله كما روي أن محمد بن سليمان الهاشمي كان يملك من غلة الدنيا ثمانين ألف درهم في كل يوم فكتب ، إلى أهل البصرة وعلمائها في امرأة يتزوجها ، فأجمعوا كلهم على رابعة العدوية رحمها الله تعالى فكتب إليها بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد ؛ فإن الله تعالى قد ملكني من غلة الدنيا ثمانين ألف درهم في كل يوم ، وليس تمضي الأيام والليالي حتى أتمها مائة ألف ، وأنا أصير لك مثلها ومثلها ، فأجيبيني فكتبت إليه بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد ؛ فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن ، والرغبة فيها تورث الهم والحزن ، فإذا أتاك كتابي هذا فهيئ زادك وقدم لمعادك وكن وصي نفسك ، ولا تجعل الرجال أوصياءك ، فيقتسموا تراثك فصم ، الدهر ، وليكن فطرك الموت ، وأما أنا فلو أن الله تعالى خولني أمثال الذي خولك وأضعافه ، ما سرني أن أشتغل عن الله طرفة عين .