إذ لو " فتشنا عن قلوب المؤمنين لم نجد فيها أصابع ، فعلم أنها كناية عن القدرة التي هي سر الأصابع وروحها الخفي وكنى بالأصابع عن القدرة ; لأن ذلك أعظم وقعا في تفهم تمام الاقتدار .
ومن هذا القبيل في كنايته عن الاقتدار قوله تعالى : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ؛ فإن ظاهره ممتنع ، إذ قوله : " كن " إن كان خطابا للشيء قبل وجوده فهو محال إذا ، المعدوم لا يفهم الخطاب حتى يمثل وإن كان بعد الوجود فهو مستغن عن التكوين .
ولكن لما كانت هذه الكناية أوقع في النفوس في تفهيم غاية الاقتدار ، عدل إليها وأما المدرك بالشرع فهو أن يكون إجراؤه على الظاهر ممكنا ، ولكنه يروى أنه أريد به غير الظاهر كما ورد في تفسير قوله تعالى أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ، الآية وأن معنى الماء ههنا هو القرآن ومعنى الأودية هي القلوب ، وأن بعضها احتملت شيئا كثيرا وبعضها قليلا وبعضها لم يحتمل .
والزبد مثل الكفر والنفاق فإنه وإن ظهر وطفا على رأس الماء فإنه لا يثبت والهداية التي تنفع الناس تمكث .
وفي هذا القسم تعمق جماعة فأولوا ما ورد في الآخرة من الميزان والصراط وغيرهما وهو بدعة إذ لم ينقل ذلك بطريق الرواية وإجراؤه على الظاهر غير محال ، فيجب إجراؤه على الظاهر .