الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولأنه لو كان للفلك دورات لا نهاية لها لكان لا يخلو عددها عن أن تكون شفعا أو وترا أو شفعا ووترا جميعا أو لا شفعا ولا وترا ، ومحال أن يكون شفعا ووترا جميعا ، أو لا شفعا ولا وترا .

فإن ذلك جمع بين النفي والإثبات إذ في إثبات أحدهما نفي الآخر ، وفي نفي أحدهما إثبات الآخر .

ومحال أن يكون شفعا لأن الشفع يصير وترا بزيادة واحد .

وكيف يعوز ما لا نهاية له واحد ومحال أن يكون وترا إذ الوتر يصير شفعا بواحد فكيف يعوزها واحد مع أنه لا نهاية لأعدادها .

ومحال أن يكون لا شفعا ولا وترا إذ له نهاية .

فتحصل ، من هذا أن العالم لا يخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث ، فهو إذن حادث .

التالي السابق


ثم شرع في الرد على الفلاسفة القائلين بكون قبل كل حادث حوادث لا أول لها، فقال: (ولأنه لو كان للفلك دوران لا نهاية له لكان لا يخلو عددها عن أن يكون شفعا ووترا جميعا) أي: زوجا وفردا (أو لا شفعا ولا وترا، ومحال أن يكون شفعا ووترا جميعا، أو لا شفعا ولا وترا، فإن ذلك جمع بين النفي والإثبات) وهما ضدان (إذ في إثبات أحدهما نفي الآخر، وفي نفي أحدهما إثبات الآخر، ومحال أن يكون شفعا) فقط؛ (لأن الشفع يكون وترا بزيادة واحد) أي: إذا ضم على العدد المشفوع آخر، صار باعتبار ذلك وترا (فكيف يعوز ما لا نهاية له واحد) وفي نسخة: يعوزها واحد (مع أنه لا نهاية لأعدادها، فحصل من هذا أن العالم لا يخلو من الحوادث، فهو إذا حادث) أي: حصل مما قرر أولا أن وجود الحادث الحاضر محال; لأنه لازم للمحال وهو وجود حوادث لا أول لها، فلانتفاء وجود حوادث لا أول لها انتفى ملزومه، وهو كون ما لا يخلو من الحوادث قديما، فثبت نقيضه، وهو: ما لا يخلو عن الحوادث حادث .




الخدمات العلمية