الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=28727ولأنه لو كان فوق العالم لكان محاذيا له وكل محاذ لجسم فإما أن يكون مثله أو أصغر منه أو أكبر وكل ذلك تقدير محوج بالضرورة إلى مقدر ويتعالى عنه الخالق الواحد المدبر فأما رفع الأيدي عند السؤال إلى جهة السماء فهو لأنها قبلة الدعاء .
ثم نبه المصنف على طريق ثالث في الاستدلال بقوله: (ولأنه لو كان فوق العالم) كما يقوله بعض المجسمة (لكان محاذيا له) أي: مقابلا (وكل محاذ لجسم فإما أن يكون مثله أو أصغر منه) كما يقوله هشام بن الحكم الرافضي (أو أكبر) منه (وكل ذلك) مستحيل في حقه تعالى؛ إذ هو (تقدير يحوج إلى مقدور يتعالى عنه الخالق الواحد المدبر) جل سبحانه .
وقال المصنف في "إلجام العوام": اعلم أن الفوق اسم مشترك يطلق لمعنيين: أحدهما نسبة جسم إلى جسم، بأن يكون أحدهما أعلى، والآخر أسفل، يعني أن الأعلى من جانب رأس الأسفل، وقد لا بهذا المعنى، فيقال: الخليفة فوق السلطان، والسلطان فوق الوزير، والأول يستدعي جسما حتى ينسب إلى جسم، والثاني لا يستدعيه، فليعتقد المؤمن أن الأول غير مراد، وأنه على الله تعالى محال؛ فإنه من لوازم الأجسام، أو لوازم أعراض الأجسام، nindex.php?page=treesubj&link=29639_28730_28712فإن قيل: فما بال الأيدي ترفع إلى السماء وهي جهة العلو، فأشار المصنف إلى الجواب بقوله: (فأما رفع الأيدي عند السؤال) والدعاء (إلى جهة السماء فهو لأنها قبلة الدعاء) كما أن البيت قبلة الصلاة، يستقبل بالصدر والوجه، والمعبود بالصلاة والمقصود بالدعاء منزه عن الحلول بالبيت والسماء، وقد أشار النسفي أيضا فقال: nindex.php?page=treesubj&link=28730_28712_29639ورفع الأيدي والوجوه عند الدعاء تعبد محض، كالتوجه إلى الكعبة في الصلاة، فالسماء قبلة الدعاء، كالبيت قبلة الصلاة.