الأصل الثامن :
أن خلافا معرفة الله سبحانه وطاعته واجبة بإيجاب الله تعالى وشرعه لا بالعقل للمعتزلة لأن العقل وإن أوجب الطاعة فلا يخلو إما أن يوجبها لغير فائدة وهو محال ; فإن العقل لا يوجب العبث وإما أن يوجبها لفائدة ، وغرض ، وذلك لا يخلو إما أن يرجع إلى المعبود وذلك محال في حقه تعالى ; فإنه يتقدس عن الأغراض والفوائد بل الكفر والإيمان والطاعة والعصيان في حقه تعالى سيان وإما أن يرجع ذلك إلى غرض العبد ، وهو أيضا محال لأنه لا غرض له في الحال ، بل يتعب به وينصرف عن الشهوات بسببه وليس في المآل إلا الثواب والعقاب .
ومن أين يعلم أن الله تعالى يثيب على المعصية والطاعة ، ولا يعاقب عليهما مع أن الطاعة والمعصية في حقه يتساويان ; إذ ليس له إلى أحدهما ميل ولا به لأحدهما اختصاص ، وإنما عرف تمييز ذلك بالشرع ولقد زل من أخذ هذا من المقايسة بين الخالق والمخلوق ، حيث يفرق بين الشكر والكفران لما له من الارتياح والاهتزاز والتلذذ بأحدهما دون الآخر .