تنبيهات :
الأول : روى عبد بن حميد ، عن الحسن رحمه الله تعالى قال : لما أنزل الله تعالى : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم [الأحقاف : 9] عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف ، فلما نزلت : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح : 1 ، 2] الآية ، اجتهد ، فقيل له : تجهد نفسك ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ !
[ ص: 60 ] الثاني : روى الترمذي وغيره عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوصلا لإخوانه ، ليست له راحة .
قال ابن القيم في زاد المعاد : وأما بكاؤه فكان من جنس ضحكه ، لم يكن بشهيق ، ولا رفع صوت ، كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، ولكن كان تدمع عيناه حتى يهملا ، ويسمع لصدره أزيز ، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت ، وتارة خوفا على أمته ، وتارة من خشية الله ، وتارة عند سماع القرآن ، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال ، يصاحب الخوف والخشية .
الثالث : قوله : «وأشدهم له خشية» قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : في هذا الحديث إشكال؛ لأن الخوف والخشية حالة تنشأ عن ملاحظة شدة النقمة الممكن وقوعها بالخائف ، وقد دل القاطع على أنه صلى الله عليه وسلم غير معذب ، وقال تعالى : يوم لا يخزي الله النبي [التحريم : 8] فكيف يتصور منه الخوف ؟ فكيف أشد الخوف ؟ قال : والجواب أن الذهول جائز عليه صلى الله عليه وسلم ، فإذا حصل الذهول عن موجبات نفي العقاب حدث له الخوف ، ولا يقال : إن إخباره بشدة الخوف ، وعظم الخشية عظم بالنوع لا بكثرة العدد ، أي : إذا صدر منه الخوف ولو في زمن فرد كان أشد من خوف غيره .


