الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              حرف الخاء المعجمة

                                                                                                                                                                                                                              «الخاتم » :

                                                                                                                                                                                                                              بكسر التاء المثناة فوق

                                                                                                                                                                                                                              «الخاتم »

                                                                                                                                                                                                                              بفتحها: ذكرهما «د » ونقل ذلك عن ضبط ثعلب وكذا في المهمات لابن عساكر قال: وأما الخاتم بالفتح فمعناه أنه أحسن الأنبياء خلقا وخلقا، ولأنه صلى الله عليه وسلم جمال الأنبياء صلى الله عليه وسلم كالخاتم الذي يتجمل به. [ ص: 453 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: لما انقبضت النبوة وتمت كان كالخاتم الذي يختم به الكتاب عند الفراغ. وأما الخاتم بالكسر فمعناه آخر الأنبياء فهو اسم فاعل من قولك ختمت الشيء أي أتممته وبلغت آخره.

                                                                                                                                                                                                                              خاتم النبيين: قال تعالى: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وتقدم في حديث نافع بن جبير في الباب الثاني.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأكمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين .

                                                                                                                                                                                                                              وسيأتي الكلام على هذا الحديث في

                                                                                                                                                                                                                              باب: مثله ومثل الأنبياء من قبله في أبواب بعثته وفي الخصائص.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر العلماء في حكمة كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين أوجها:

                                                                                                                                                                                                                              منها : أن يكون الختم بالرحمة.

                                                                                                                                                                                                                              ومنها: أن الله تعالى أراد أن لا يطول مكث أمته تحت الأرض إكراما له.

                                                                                                                                                                                                                              ومنها: أنا اطلعنا على أحوال الأمم الماضية، فجعلت أمته آخر الأمم لئلا يطلع أحد على أحوالهم تكريما له.

                                                                                                                                                                                                                              ومنها: أنه لو كان بعده نبي لكان ناسخا لشريعته. ومن شرفه أن تكون شريعته ناسخة لكل الشرائع غير منسوخة. ولهذا إذا نزل عيسى صلى الله عليه وسلم فإنما يحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته، لأنها قد نسخت كما سيأتي بيان ذلك في الخصائص.

                                                                                                                                                                                                                              ومن هنا يعلم أن معنى كونه لا نبي بعده أي لا نبي يبعث أو ينبأ أو يخلق وإن كان عيسى موجودا بعده

                                                                                                                                                                                                                              «الخازن لمال الله » :

                                                                                                                                                                                                                              أخذه «د » من

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما آتيكم من شيء ولا أمنعكم منه إن أنا إلا خازن أضع حيث أمرت » .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد وغيره. [ ص: 454 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال النووي : معناه: خازن ما عندي أقسم ما أمرت بقسمته على حسب ما أمرت به والأمور كلها بمشيئة الله تعالى

                                                                                                                                                                                                                              «الخاشع » :

                                                                                                                                                                                                                              والخشوع في اللغة: السكون. قال الأزهري: التخشع: التذلل، وفي المحكم: خشع الرجل: رمى ببصره إلى الأرض، وعرفه أهل التصوف بأنه الانقياد للحق. وقال بعضهم: هو قيام القلب بين يدي الرب بهم مجموع. وقال الحسن: الخشوع: الخوف الدائم الملازم للقلب. وقال الجنيد: هو تذلل القلوب لعلام الغيوب. وقال محمد بن علي الترمذي :

                                                                                                                                                                                                                              الخاشع: من خمدت نيران شهواته وسكن دخان صدره وأشرق نور التعظيم من قلبه، فماتت شهواته وحيي قلبه فخشعت جوارحه. قال القشيري: واتفقوا على أن محل الخشوع القلب.

                                                                                                                                                                                                                              وهو قريب من التواضع

                                                                                                                                                                                                                              «الخاضع » :

                                                                                                                                                                                                                              في الصحاح: الخضوع: التطامن والتواضع. وقال الأزهري: الخضوع قريب من الخشوع، إلا أن الخشوع في البدن والصوت والبصر، والخضوع في الأعناق

                                                                                                                                                                                                                              «الخافض » :

                                                                                                                                                                                                                              أي خافض الجناح، اسم فاعل من الخفض وهو التواضع ولين الجانب.

                                                                                                                                                                                                                              قال تعالى: واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين أي تواضع لضعفائهم وفقرائهم وطب نفسا عن أغنيائهم.

                                                                                                                                                                                                                              أو الذي يخفض الجبابرة بسطوته ويكسر الأكاسرة ببأسه.

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى. ومعناه: دافع البلايا ورافع الرزايا، أو الذي يخفض الأشقياء بالإبعاد ويرفع الأتقياء بالإسعاد

                                                                                                                                                                                                                              «الخالص » :

                                                                                                                                                                                                                              النقي من الدنس

                                                                                                                                                                                                                              «الخبير » :

                                                                                                                                                                                                                              أخذه «ياد » من قوله تعالى: فاسأل به خبيرا قال القاضي بكر بن العلاء: المأمور بالسؤال غير النبي صلى الله عليه وسلم. والمسؤول الخبير: هو النبي صلى الله عليه وسلم وسلم. قال: وهو مما سماه الله تعالى به من أسمائه، ومعناه في حقه تعالى: المطلع بكنه الشيء، العالم بحقيقته.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل المخبر. والنبي صلى الله عليه وسلم خبير بالوجهين، لأنه عالم غاية من العلم بما علمه الله تعالى من مكنون علمه وعظيم معرفته، ولأنه مخبر لأمته بما أذن الله له في إعلامهم به. والفرق بينه وبين العليم والشهيد يأتي في تعريف الشهيد

                                                                                                                                                                                                                              «خطيب النبيين » :

                                                                                                                                                                                                                              في حديث الشفاعة: كنت إمام النبيين وخطيبهم »

                                                                                                                                                                                                                              أي مقدمهم وصاحب الكلام دونهم والخطيب الحسن الخطبة، وهي الكلام المنثور المسجع الذي يلقى على المنبر واشتقاقها من الخطب وهو الشأن، لأن العرب إذا دهمهم أمر اجتمعوا له وخطبت ألسنتهم فيه، أو من المخاطبة لأنه يخاطب فيه بالأمر والنهي، أو من الأخطب وهو ذو الألوان من كل شيء لأنها تشتمل على فنون الكلام. [ ص: 455 ]

                                                                                                                                                                                                                              «خطيب الأمم » :

                                                                                                                                                                                                                              «خطيب الوافدين على الله تعالى » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكرهما «ط » والأمم جمع أمة والوافدين جمع وافد

                                                                                                                                                                                                                              «الخليل »

                                                                                                                                                                                                                              «خليل الرحمن » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكرهما «خا » ويأتي الكلام على معنى الخلة قريبا

                                                                                                                                                                                                                              «خليل الله » :

                                                                                                                                                                                                                              روى أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن صاحبكم خليل الله »

                                                                                                                                                                                                                              والخليل: فعيل بمعنى فاعل، وهو من الخلة وهي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله. قال بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                              قد تخللت مسلك الروح مني ولذا سمي الخليل خليلا     فإذا ما نطقت كنت حديثي
                                                                                                                                                                                                                              وإذا ما سكت كنت العليلا

                                                                                                                                                                                                                              وهذا صحيح بالنسبة إلى ما في قلب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله تعالى. وأما إطلاقه في حق البارئ تعالى فعلى سبيل المقابلة. وقيل: الخلة أصلها الاصطفاء وسمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى. وخلة الله تعالى له نصره وجعله خير خلقه وقيل هو مشتق من الخلة بفتح المعجمة وهي الحاجة وسمي بذلك لانقطاعه إلى ربه وقصر حاجته عليه.

                                                                                                                                                                                                                              قال الإمام الواحدي: والقول الأول هو المختار، لأن الله تعالى خليل محمد ومحمد خليل الله، ولا يجوز أن يقال: الله تعالى خليل محمد من الخلة التي هي الحاجة.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية