الباب الثامن فيما كان صلى الله عليه وسلم يعافه من الأطعمة
وفيه أنواع :
الأول : فيما كرهه صلى الله عليه وسلم من الخضراوات .
روى الإمام أحمد واللفظ له عن ومسلم رضي الله تعالى عنه أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على مزرعة بصل بخيبر هو وأصحابه ، فنزل ناس منهم ، فأكلوا ، ولم يأكل آخرون ، فرجعنا إليه ، فدعا الذين لم يأكلوا ، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحها وتجمعا .
وروى في «غرائب الدارقطني مالك» ، عن وابن عدي رضي الله تعالى عنه أنس أن من أجل أن الملائكة عليهم السلام تأتيه ، ومن أجل أنه يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل الثوم ، ولا الكراث ، ولا البصل ، جبريل عليه السلام .
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنه أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليه بطعام يعني حضره ، وفيه بصل وكراث ولم ير فيها أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى أن يأكله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أستحي من الملائكة وليس بمحرم» .
وروى عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام أصاب منه ، ثم بعث به إلينا ، فبعث إلينا بطعام لم يصب منه فقلت إن لهذا الطعام لشأنا ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له : إنه لم يكن يأتينا من قبلك شيء إلا وقد أصبت منه ما شاء الله ، فقال : «إن هذه بقلة أكرهها ، ولكن كلوها» ، قال : إني أكره ما كرهت يعني الثوم .
وروى ابن سعد عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد قال : . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها ثوم ، فوجد ريح الثوم ، فكف يده ، وكف معاذ رضي الله تعالى عنه يده ، فكف القوم أيديهم ، فقال لهم : «ما لكم ؟ » فقالوا : كففت يدك ، فكففنا أيدينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلوا باسم الله ، فإني أناجي ما لا تناجون»
وروى ابن سعد عن عبد الله بن وهب قال : سمعت أبا صخر ، وعن يزيد بن قسيط قالا : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسويق لوز ، فلما خيض له قال : «ماذا ؟ » قالوا : سويق اللوز قال : «أخروه عني هذا شراب المترفين» . [ ص: 218 ]
الثاني : فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعافه من اللحوم .
روى الطبراني عن وابن عدي رضي الله تعالى عنهما قال : عبد الله بن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره من الشاة سبعا : المرارة والمثانة والحياء والذكر والأنثيين والغدة والدم .
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره من الشاة سبعا : المرارة والمثانة والحياء والذكر والأنثيين والغدة والدم ، وكان أحب الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمها .
وروى عن ابن السني رضي الله تعالى عنه قال : ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكليتين لمكانهما من البول .
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن رضي الله تعالى عنهما قال : البراء بن عازب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره من لحوم الطير والوحش ما أكل الجيفة .
وروى برجال ثقات عن رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنه مسدد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل أدنى القلب .
وروى بسند ضعيف عن ابن أبي شيبة خزيمة بن جزء رضي الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله جئتك أسألك عن أجناس الأرض فما تقول في الضب ؟ قال : «لا آكله ولا أحرمه» ، قلت : فإني آكل ما لم تحرم ، ولم يا رسول الله ؟ قال : «فقدت أمة من الأمم ، ورأيت خلقا رابني» قال : قلت يا رسول الله ما تقول في الأرنب ؟ قال : «لا آكله ولا أحرمه» ، قال : قلت يا رسول الله فإني آكل ما لم تحرم ، ولم يا رسول الله ؟ قال : «نبئت أنها تدمي»
الحديث .
وروى عن أبو داود رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر . جيء بأرنب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا جالس عنده ، فلم يأكلها ، ولم ينه عن أكلها ، وقال : «إنها تحيض»
وروى الإمام مالك رضي الله تعالى عنهما قال : دخلت أنا ابن عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت وخالد بن الوليد وكانت خالته ، فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال بعض النسوة في بيت ميمونة ، أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه ، فقيل له : إنه ضب يا رسول الله ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، ميمونة :
فقيل : أحرام هو يا [ ص: 219 ] رسول الله ؟ قال : «لا ، ذلك لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه» ،
فاجتره فأكله ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر خالد . عن
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنهما ابن عباس ، قال : فأكل على خوانه . «الضب ، هذا شيء ما أكلته قط ، فمن أراد أن يأكله فليأكله» قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمن وأقط وضب فأكل من السمن والأقط ، وقال :
وروى أيضا عن رضي الله تعالى عنه قال : أبي هريرة . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أضب في جفنة ، وقد صب عليها سمن قال : «كلوا» ، ولم يأكل ، فقال : يا رسول الله أنأكل ، ولا تأكل ؟ قال : «إني أعافها»
وروى ورجاله رجال الصحيح ، عن امرأة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : الطبراني ، . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فقال : «كلوه ، لا بأس به ، ولكنه ليس من طعام قومي»
وروى قاسم بن أصبغ عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذات يوم ليت عندنا خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن فنأكلها ، فقام رجل فعملها ، ثم جاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «فيم كان سمنك ؟ » قال : في عكة ضب ، فعافه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى من طريقين الطبراني أنها أهدي لها ضب ، فأتاها رجلان من قومها ، فأمرت به فصنع ثم قربته إليهما ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يأكلان ، ثم أخذ ليأكل فلما أخذ اللقمة إلى فيه ، قال : «ما هذا ؟ » قلت : ضب أهدي لنا ، فوضع اللقمة ، وأراد الرجلان أن يطرحا ما في أفواههما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تفعلا ، إنكم أهل نجد تأكلونها وأما نحن أهل تهامة نعافها» ميمونة . عن
وروى الشيخان عن والنسائي رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضب ، وهو على المنبر ، قال : «لا آكله ولا أحرمه»
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس فقالت : ألا أطعمكم من هدية أم عتيق ؟ فقال : ميمونة بنت الحارث
بلى قال فجيء بضبين مشويين فتبزق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رضي الله تعالى عنه : كأنك تقذره قال : «أجل» خالد . [ ص: 220 ] دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ، وخالد بن الوليد ، على
وروى أيضا عن رضي الله تعالى عنه قال : محمد بن سيرين أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فقال : «إنا قوم قرويون وإنا نعافه» .