الأول :
روى الإمام بسند رجاله ثقات قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحمد جبريل بالحمى والطاعون فأرسلت الحمى بالمدينة ، وأرسلت بالطاعون إلى الشام ، فالطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم ورجز على الكافرين» . [ ص: 6 ] «أتاني
قال السيد نور الدين : والأقرب أن هذا كان في آخر الأمر بعد نقل الحمى بالكلية لكن قال الحافظ : لما رحل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان في قلة من أصحابه فاختار الحمى ، لقلة الموت بها على الطاعون ، لما فيها من الأجر الجزيل وقضيتها (إضعاف الأجساد ) فلما أمر بالجهاد دعا بنقل الحمى إلى الجحفة ، ثم كانوا من حينئذ من فاتته الشهادة بالطاعون ربما حصلت له بالقتل في سبيل الله ، ومن فاته ذلك حصلت له الحمى التي هي حظ المؤمن من النار ، ثم استمر ذلك بالمدينة ، يعني بعد كثرة المسلمين تمييزا لها عن غيرها قال السيد : وهو يقتضي عود شيء من الحمى إليها بآخرة الأمر ، والمشاهد في زماننا عدم خلوها عنها أصلا لكنه ليس كما وصف أولا بخلاف الطاعون ، فإنها محفوظة بالكلية ، فالأقرب أنه صلى الله عليه وسلم لما سأل ربه تعالى لأمته أن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فمنعه ذلك ، فقال في دعائه :
فحمى إذا أو طاعونا أراد بالدعاء بالحمى للموضع الذي لا يدخله الطاعون ، فيكون ما بالمدينة اليوم ليس هو حمى الوباء بل حمى رحمة بدعائه صلى الله عليه وسلم .
الثاني : إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الحمى إليها ، لأنها كانت دار شرك ، ولم تزل من يومئذ أكثر بلاد الله حمى .
قال بعضهم : وإنه ليتقى شرب الماء من عينها التي يقال عين حم ، فقل من شرب منها إلا حم .
وروى عن البيهقي قال : كان وباء هشام بن عروة بالمدينة معروفا في الجاهلية ، وكان إذا كان بالوادي وباء فأشرف عليه الإنسان قيل له : انهق نهيق الحمار ، فإذا فعل لم يضره وباء ذلك الوادي .
وروى عن ابن شيبة عامر بن جابر ، قال : كان لا يدخل المدينة أحد من طريق واحد من ثنية الوداع فإن لم يعشر بها أي ينهق كالحمار عشرة أصوات في طلق واحد مات قبل أن يخرج منها ، فإذا وقف على الثنية قبل أن يدخل ودع فسميت ثنية الوداع حتى قدم عروة بن الورد العبسي فقيل له : عشر بها فلم يعشر وأنشأ يقول :
لعمري لئن عشرت من خشية الردى نهاق حمير إنني لجزوع
ثم دخل فقال : يا معشر يهود ، ما لكم وللتعشير ؟ قالوا : إنه لا يدخلها أحد من غير أهلها ، فلم يعشر بها إلا مات ، أو لا يدخلها أحد من غير ثنية الوداع إلا قتله الهزال ، فلما ترك عروة التعشير تركه الناس ودخلوا من كل ناحية .الثالث : في بيان غريب ما سبق :
السكينة : الطمأنينة والوقار .
تقول : ثار الدخان والغبار وثار الدم بفلان وثارت به الحصبة . [ ص: 7 ] ثائرة الرأس هاج وانتشر