الباب العاشر في معجزاته صلى الله عليه وسلم في إبراء الجنون
روى أبو نعيم الوازع أنه انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن له مجنون ، فمسح وجهه ودعا له فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعقل منه . عن
وروى الشيخان رضي الله عنه قال : عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في جابر بني سلمة ، فوجدني لا أعقل ، فدعا بماء فتوضأ فرش منه علي فأفقت . عن
وروى الدارمي والطبراني أن امرأة جاءت بابن لها ، فقالت : يا رسول الله ، إن بابني هذا جنونا ، وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له ، فثغ ثغة فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فشفي ابن عباس . عن
وروى بسند جيد عن البيهقي مرسلا محمد بن سيرين . أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : هذا ابني ، وقد أتى عليه كذا وكذا ، وهو كما ترى ، فادع الله تعالى أن [ ص: 27 ] يميته ، قال : «أدعو الله تعالى أن يشفيه ويشب ويكون رجلا صالحا فيقاتل في سبيل الله ، فيقتل فيدخل الجنة» ، فدعا الله تعالى فشفاه الله تعالى ، وشب وكان رجلا صالحا فقاتل في سبيل الله فقتل
وروى بسند حسن عن البزار الوازع أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه :
الوازع : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي جئت بابن أخ لي مصابا لتدعو الله تعالى له وهو في الركاب قال : «فائت به» ، فأتيته فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر نظر المجنون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اجعل ظهره من قبلي» ، فأقمته فجعلت ظهره من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه من قبلي ، فأخذه ثم جره بجامع ثيابه ، فرفع يده حتى رأيت بياض إبطه ، ثم ضرب بيديه ظهره ، وقال : «اخرج عدو الله» ، فالتفت ، وهو ينظر نظر الصحيح ، فأقعده بين يديه ، ودعا له ومسح وجهه ، وقال : فلم تزل تلك المسحة في وجهه ، وهو شيخ كبير ، وكان وجهه وجها عذرا شبابا وما كان في القوم رجل يفضل عليه بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال
ورواه الإمام أحمد بلفظ : والطبراني . قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركب ومعنا رجل مصاب ، فقلت : يا رسول الله ، إن معي رجلا مصابا ، فادع الله له ، فقال : «ائتني به» ، فأتيته به ، فأخذ طائفة من ردائه فرفعها حتى رأيت بياض إبطه ، ثم ضرب ظهره وقال : «اخرج عدو الله» ، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول ، ثم أقعده بين يديه فدعا له ومسح وجهه ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه
وروى الحاكم قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : يا نبي الله ، إن لي أخا أصابه وجع ، قال : «وما وجعه ؟ » قال : به لمم . قال : «فأتني به» فأتاه به فوضعه بين يديه [فعوذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب ، وأربع آيات من آخر سورة البقرة وهاتين الآيتين : أبي بن كعب ، وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [البقرة 163] ، وآية الكرسي وآية من آل عمران : شهد الله أنه لا إله إلا هو [آل عمران 18] وآية من الأعراف : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض [الأعراف 54] وآخر سورة المؤمنين : فتعالى الله الملك الحق [المؤمنون 116] ، وآية من سورة الجن : وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا [الجن 3] ، وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر و قل هو الله أحد والمعوذتين فقام الرجل كأنه لم يشك شيئا قط] . وروى عن أبو نعيم وابن عساكر غيلان بن سلمة الثقفي ، قال : خرجنا مع [ ص: 28 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلا ، فأقبلت امرأة بابن لها ، فقالت : يا نبي الله ما كان في الحي غلام أحب إلي من ابني هذا ، فأصابته الموتة ، فأنا أتمنى موته ، فادع الله له ، فأدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلام منه ، ثم قال : «باسم الله ، أنا رسول الله ، اخرج عدو الله» ، ثلاثا ، ثم قال : «اذهبي بابنك لن تري بأسا إن شاء الله» ، ثم رجعنا ، فجاءت أم الغلام ، فقالت : والذي بعثك بالحق ما زال من أعقل غلمان الحي . عن
وروى أحمد بن منيع رضي الله عنهما أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا به جنون ، وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا قال : فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثغ ثغة فخرج من فيه . ابن عباس وفي لفظ : عن من منخره مثل الجرو الأسود فشفي .
وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة وأبو نعيم أم جندب قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من جمرة العقبة جاءته امرأة ومعها ابن لها به مس قالت : يا نبي الله ، هذا به بلاء لا يتكلم ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت بتور من حجارة فيه ماء فأخذه فمج فيه ، ودعا فيه وأعاده فيه ثم أمرها ، فقال : «اسقيه واغسليه فيه» قال : فتبعتها ، فقلت : صبي لي من هذا الماء ، قالت : خذي منه ، فأخذت منه جفنة فسقيته ابني عبد الله فعاش فكان من بره ما شاء الله أن يكون ، ولقيت المرأة فزعمت أن ابنها برئ وعقل عقلا ليس كعقول الناس . عن
وروى إسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم معها صبي تحمله ، فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اخسأ عدو الله أنا رسول الله» ثلاثا ثم ناولها إياه فلما رجعنا عرضت لنا المرأة كبشان تقودهما ، والصبي تحمله فقالت : يا رسول الله ، اقبل مني هذين ، فو الذي بعثك بالحق ، ما عاد إليه بعد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خذوا أحدهما» جابر . عن
وروى الإمام أحمد وابن سعد وصححه والحاكم يعلى بن مرة قال : سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فرأيت منه شيئا عجبا فذكر الحديث ، وفيه : فأتته امرأة فقالت : يا نبي الله إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه في كل يوم مرتين فقال : «أدنيه» ، فتفل في فيه وقال : «اخرج عدو الله ، أنا رسول الله» ، ثم قال لها : «إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع» فلما [ ص: 29 ] رجعنا استقبلتنا ، فقالت : والذي أكرمك ما رأينا به شيئا منذ فارقتنا . عن
ورواه بلفظ ، قال : إبراهيم الحربي كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتلقته امرأة ، معها صبي قد عرض به جنون ففتح فاه ، فبزق فيه فبرأ .
وعن طاوس مرسلا قال : لم يؤت النبي صلى الله عليه وسلم بأحد به مس ، فصك في صدره إلا ذهب .
ورواه الحافظ إبراهيم الحربي في غريبه وقال : المس : الجنون .
وروى أبو يعلى بسند جيد وأبو نعيم عن قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجة التي حجها حتى إذا كان أسامة بن زيد ببطن الروحاء نظر إلى امرأة تؤمه ، فحبس راحلته فلما دنت منه ، قالت : يا رسول الله ، هذا ابني ما أفاق من يوم ولادته إلى يومي هذا ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه فيما بين صدره وواسطة الرحل ثم تفل فيه وقال : «اخرج يا عدو الله» ، فأتى رسول الله ثم ناولها إياه ، وقال : «خذيه ، فلا بأس به» ، قال أسامة : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته وانصرف حتى إذا نزل ببطن الروحاء ، أتت تلك المرأة بشاة ، قد شوتها فقالت : أنا أم الصبي ، قال : «وكيف هو ؟ » قالت : ما رأيت منه شيئا بعد ، قال : «خذ منها الشاة» .
والأحاديث في ذلك كثيرة وفيما ذكر كفاية .