الباب السابع في الحارث عصمته صلى الله عليه وسلم من
روى الشيخان وابن إسحاق وأبو نعيم والحاكم من طرق عن والبيهقي رضي الله عنهما قال : جابر بن عبد الله بذات الرقاع ، فإذا أتينا على شجرة ظليلة ، تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن رجلا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان : لأقتلن لكم محمدا ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة ، فعلق سيفه ، فنمنا نومة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا ، فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس فقال : «إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده- صلتا- فقال لي : من يمنعك مني ؟ قلت : الله» ، زاد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية : الحاكم : زاد فسقط السيف من يده ، أبو نعيم : وأخذه راجفا . وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف وقال : «من يمنعك مني ؟ قال : كن خير آخذ» ، فخلى سبيله فأتى أصحابه ، فقال : جئتكم من عند خير الناس .
تنبيهات
الأول : غورث هذا وزن جعفر ، وقيل : بضم أوله وهو بغين معجمة وراء ، ومثلثة مأخوذة من الغرث ، وهو الجوع ، ووقع عند الخطيب بالكاف بدل المثلثة ، وحكى فيه [ ص: 259 ] الخطابي غويرث بالتصغير ، وحكى القاضي : أن بعض المغاربة قال في بالعين المهملة ، وصوابه بالمعجمة . البخاري
الثاني : ذكره الحافظ الذهبي في التجريد من جملة الصحابة ، وعبارته غورث بن الحارث الذي قال : رواه من يمنعك مني ؟ قال : الله ، قال : ما يمنعك مني ؟ قال : الله ، قالها ثلاثا ، فوقع السيف من يده وأسلم ، من حديث البخاري انتهى . ونازعه الحافظ بأنه ليس في جابر . تعرض لإسلامه ، ثم أورد الطرق التي رواها البخاري في صحيحه ثم قال : ورويناه أي حديث البخاري في قصة جابر غورث في المسند الكبير ، لمسدد ، وفيه ما يصرح بعدم إسلامه ، وفيه وكذا رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي بعد أن سقط السيف من يده : «من يمنعك مني ؟ » قال : كن خير آخذ ، قال : «أوتسلم ؟ » قال : لا ، ولكن أعاهدك أن لا أقاتلك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك ، فخلى سبيله ، فجاء إلى أصحابه فقال : جئتكم من عند خير الناس ، وذكره أحمد عن الثعلبي عن الكلبي أبي صالح عن فذكر نحوه عن ابن عباس ، فيما يتعلق بعدم إسلامه . جابر
ثم قال : هذه الطرق ليس فيها أنه أسلم ، وكأن الذهبي لما رأى ما في ترجمة دعثور بن الحارث أن ذكر له شبها بهذه القصة وأنه ذكر أنه أسلم فجمع بين الروايتين ، فأثبت إسلام الواقدي غورث فإن كان كذلك ففيما صنعه نظر من حيث إنه عزاه وليس فيه أنه أسلم ومن حيث إنه يلزم منه الجزم بكون القصتين واحدة مع احتمال كونهما واقعتين إن كان للبخاري ، أتقن ما نقل ، وفي الجملة هو على الاحتمال وقد يتمسك من يثبت إسلامه بقوله : الواقدي جئتكم من عند خير الناس .