تنبيه : خوف المقربين خوف إجلال وإعظام .
قال الشيخ شهاب الدين السهروردي : لا يعتقد أن الغني حالة يفقر حاله نقص ، بل هو كمال أو تتمة كمال ، ثم مثل ذلك يحقن العين أي يسيل لدفع القذى عن العين مثلا ، فإنه يمنع العين من الرؤية .
فهذا من هذه الحيثية نقص ، وفي الحقيقة كمال ، هذا محصل كمال كلامه بعبارة طويلة .
قال : فهكذا بصيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- متعرضة للأغيرة من أنفاس الأغيار .
فدعت الحاجة إلى الستر على صدقة بصيرته صيانة لها ، ووقاية عن ذلك .
السابعة والعشرون : وبوجوب كونه مطالبا برؤية مشاهدة الحق مع معاشرة الناس بالنفس والكلام .
ذكرها ابن القاص والبيهقي وابن سعد ، ولم يذكرها الشيخان قال الخضري : ولا أعلم دليلا صريحا على وجوب ذلك . انتهى .
الثامنة والعشرون : وبوجوب الأحكام الشرعية حين كان يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي ، فلا تسقط عنه صلاة ولا غيرها . ذكرها ابن القاص وتبعه البيهقي والنووي . وحديث عائشة وصفوان بن يعلى عن أبيه وابن سعيد- رضي الله تعالى عنهم- في شأن الوحي في الصحيحين صريح في أنه -صلى الله عليه وسلم- كان ينتقل من حاله المعروف إلى حالة تستلزم الاستغراق والغيبة عن الحالة الدنيوية حتى ينتهي الوحي ، ويفارقه الملك . [ ص: 403 ]
وقال شيخ الإسلام البلقيني : وهي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير موت ، فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي ، فلما كان البرزخ العام ، ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال ، خص الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- ببرزخ في الحياة ، يلقي الله تعالى فيه وحيه المشتمل على كثير من الأسرار . وقد يقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم ، أو غيره اطلاع على كثير من الأسرار ، وذلك مستمد من المقام النبوي ، ويشهد لذلك . "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة"
التاسعة والعشرون : قاله وبوجوب الركعتين عليه بعد العصر رزين .
الثلاثون : وبأن لأن النفل إنما هو للجبر ، ولا نقص في صلاته حتى يجبر . قاله رزين . جميع نوافله -صلى الله عليه وسلم- كانت فرضا ،
قلت : وهذا الذي قاله رزين ليس بشيء ، ولا يلزم من عدم وقوع نقص في صلواته الخمس أن يكون ما عداها من الصلوات فرضا ، بل ذلك نافلة ليس إلا .
ويدل لذلك ما رواه الإمام أحمد وابن جرير عن والطبراني (-رضي الله عنه- ) في قوله- تبارك وتعالى- : أبي أمامة ومن الليل فتهجد به نافلة لك [الإسراء - 79] ، قال : كانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- نافلة ، ولكم فضيلة .
وفي لفظ : إنما كانت النافلة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة .
وروى الطيالسي بسند جيد عنه أنه قال : والطبراني . "إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء ، فإن قعد قعد مغفورا له ، وإن قام يصلي كانت له فضيلة ، قيل : له نافلة ؟ فقال : إنما النافلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يكون نافلة وهو يسعى في الخطايا والذنوب ؟ ولكن فضيلة"
وروى ابن جرير في تفسيريهما ، وابن المنذر في "الدلائل" عن والبيهقي (رضي الله عنه) في الآية قال : لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة ، من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فما عمل من عمل مع المكتوب ، فهو له نافلة سوى المكتوب ، من أجل أنه لا يعمل ذلك من كفارة الذنوب فهي نوافل له وزيادة ، والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم ، فليس للناس نوافل ، إنما هي للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة . مجاهد
وروى عن ابن أبي حاتم نحوه . قتادة
وروى وغيره عن ابن المنذر الحسن قال : ليس لأحد نافلة إلى للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة .
ولأن فرائضه كانت للزيادة وأما غيره ، فلا يخلو عن نقص ، فنوافله تكمل فرائضه . [ ص: 404 ]
وروى أيضا عن الضحاك نحوه فتبين بهذه الآثار أن صلوات النبي -صلى الله عليه وسلم- ليست كلها فرضا بل فيها الفرض والنفل .