الثالثة والثلاثون : وبوجوب العقيقة .  
الرابعة والثلاثون : وبوجوب الإثابة على الهدية .  
الخامسة والثلاثون : وبوجوب الإغلاظ على الكفار  قال الله سبحانه وتعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم   [التحريم - 9] . 
السادسة والثلاثون : وبوجوب تحريض المؤمنين على القتال .  
السابعة والثلاثون : وبوجوب التوكل على الله .  
قال الله سبحانه وتعالى : وتوكل على الله   [الأحزاب - 3] . 
الثامنة والثلاثون : وبوجوب الصبر على ما يكره . 
التاسعة والثلاثون : وبوجوب صبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي . 
الأربعون : وبوجوب الرفق وترك الغلظة . 
الحادية والأربعون : وبوجوب إبلاغ كل ما أنزل إليه . قال الله- تبارك وتعالى- : يا أيها الرسول ، بلغ ما أنزل إليك من ربك   [المائدة - 67] . 
قلت : وفي هذه الخصائص نظر ، إذ الأنبياء كلهم كذلك . 
الثانية والأربعون : وبوجوب خطاب الناس بما يعقلون . 
الثالثة والأربعون : وبوجوب الدعاء لمن أدى صدقة ماله . 
الرابعة والأربعون : وبوجوب كل ما يتقرب به . 
الخامسة والأربعون : وبوجوب الاستثناء إذا وعد أو علق أمرا على غد . قال الله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا  إلا أن يشاء الله   [الكهف - 23 ، 24] . 
السادسة والأربعون : وبوجوب مبرة عيال من مات موسرا . 
السابعة والأربعون : وبوجوب أداء الجنايات عمن لزمته . وهو معسر . 
الثامنة والأربعون : وكذا الكفارات ، ذكر السبعة عشر رزين  ونقله الشيخ عنه في الصغرى ، ولم يتعرض لذلك في الكبرى .  [ ص: 406 ] 
التاسعة والأربعون : وبأن الصلاة على الجنازة ، في حقه -صلى الله عليه وسلم- فرض عين  كما يؤخذ من قول بعض الحنفية أن في عهده لا يسقط فرض الجنازة إلا بصلاته . 
الخمسون : وبوجوب حفظ أقوال المسلمين . قاله أبو سعيد النيسابوري  في "الشرف" . 
النوع الثاني من الواجبات فيما يتعلق بالنكاح وفيه مسألة واحدة 
خص -صلى الله عليه وسلم- بتخيير بعض نسائه في فراقه واختياره على الصحيح ، قال الله- سبحانه وتعالى- : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا   [الأحزاب - 28] الآية ، والأمر في ذلك للوجوب ، ولا يجب ذلك على غيره . وسبب نزول هذه الآية قد اختلف فيه ، فقيل : إن أزواجه سألنه النفقة وطلبن منه ما لا يقدر عليه -صلى الله عليه وسلم- ، كما في حديث  مسلم  من حديث  جابر-  رضي الله تعالى عنه- قال : دخل  أبو بكر   وعمر-  رضي الله تعالى عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحوله نساؤه يسألنه وهو ساكت فقال  عمر-  رضي الله تعالى عنه- : لأكلمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعله يضحك ، فقال  عمر :  يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة ، فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام  أبو بكر  إلى  عائشة  ليضربها ، وقام  عمر  إلى  حفصة  ليضربها كلاهما يقولان : تسألان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده ؟ وأنزل الله الخيار فبدأ  بعائشة  فقال : إني ذاكر لك أمرا ، فأحب أن لا تعجلي منه حتى تستأمري أبويك ، قالت : ما هو ؟ فتلا عليها : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها   [الأحزاب 28] الآية ، قالت  عائشة :  أفيك أستأمر أبوي بل أختار الله ورسوله . ولا مخالفة بين هذا الحديث وما في صحيح  البخاري  عن  ابن عباس-  رضي الله تعالى عنهما- أنه سأل  عمر بن الخطاب  عن قصة المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر اعتزال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة مؤاخذته عليهن حين عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على  عائشة  فبدأ بها فقالت له  عائشة :  يا رسول الله ، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علي شهرا ، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ، أعدها عدا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :  "الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ، قالت  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- : ثم نزلت بعد آية التخيير"  . الحديث . لأنه يمكن الجمع ، كما قال الحافظ : بأن تكون القصتان جميعا سبب الاعتزال ، والاعتزال سبب التخيير . 
فإن قصة المتظاهرتين خاصة بهما ، وقصة سؤال النفقة عامة في جميع النسوة ، وهو مفهوم من سياق الحديث .  [ ص: 407 ] 
القول الثاني : إن التخيير كان لسبب قصة العسل الذي شربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  في بيت  زينب بنت جحش  ومواطأة  عائشة  وحفصة  أن يقولا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا نجد منك ريح مغافير فحرمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نفسه ، فأنزل الله تعالى : يا أيها النبي ، لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك   [التحريم - 1] إلى قوله : إن تتوبا إلى الله   [التحريم - 4] هو مخرج في الصحيحين عن  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- والمغافير بالعين المعجمة والفاء حلو المذاق . 
فروع : 
الفرع الأول : قال أئمتنا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه اخترنه غير العامرية ،  فروى ابن سعد  عن ابن أبي عون  عن عمران بن مناح  قالا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، بدأ  بعائشة  فاخترنه جميعا غير العامرية  اختارت قومها فكانت بعد تقول : إنني الشقية ، وسيأتي بيان ذلك في باب ذكر أزواجه -صلى الله عليه وسلم- فلما اخترنه حرم الله التزوج عليهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن ، ونزل قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج   [الأحزاب - 52] الآية . ثم نسخ حكم ذلك بقوله : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن   [الأحزاب - 50] ، فتكون المنة له -صلى الله عليه وسلم- بترك التزوج عليهن . 
وقد قالت  عائشة :  ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أحل الله تعالى له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله تعالى : ترجي من تشاء منهن   [الأحزاب - 51] . الآية . 
رواه الإمامان  الشافعي   وأحمد  وابن سعد ،  وصححه  الترمذي   وابن حبان   والحاكم   والبيهقي  وقال : كأنها معنى اللاتي خطرن عليه في قوله : لا يحل لك النساء من بعد [الأحزاب - 52] الآية . 
وروى ابن سعد  مثله عن  أم سلمة   وابن عباس  وعطاء بن يسار  ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب   (رضي الله عنه ) . 
وإذا قلنا إنه أحل له التزوج فهل هو عام من جميع النساء ، أو هو خاص ببنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات المهاجرات معه لظاهر الآية وجهان أظهرهما . 
الأول : لأن الإباحة رفعت ما تقدم من الحظر ، فاستباح ما كان يستبيحه قبلها ، ولأنه في استباحة النساء أوسع من أمته ، فلم يجز أن ينقص عنهم . 
الفرع الثاني : لم يحرم على النبي -صلى الله عليه وسلم- طلاق زوجاته بعد اختيارهن في الأظهر . 
الفرع الثالث : لو قدر أن واحدة من زوجاته -صلى الله عليه وسلم- اختارت الحياة الدنيا ، لم يحصل الاختيار بنفس الاختيار على الأصح .   [ ص: 408 ] 
				
						
						
