وكل حديث في هذا الباب فغير صحيح .
الحادية عشرة : الصواب قال الله سبحانه وتعالى : أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يحسن الشعر ويحرم عليه التوصل إلى تعلمه وروايته وما علمناه الشعر وما ينبغي له [يس - 69] أخبر سبحانه وتعالى عن نبيه بأنه لم يؤته معرفة الشعر ، وأنه لا ينبغي له أن يصلح له ، قال كان الشعر أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كثير من الكلام ولكن لا يتأتى له . الخليل بن أحمد :
روى عن ابن أبي حاتم رضي الله تعالى عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يتمثل بهذا البيت : الحسن البصري-
. . . . . . . . . . . . . . . كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا
قال رضي الله عنه- أبو بكر- . . . . . . . . . . . . . . . كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
وروى ابن سعد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة
وما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع
وروى عن أبو داود قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ابن عمرو
أنا شربت ترياقا قال : أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل تعس" أي من جهة تعسي ، فخرج به ما قاله حاكيا وعن غيره لا عن نفسه ، كما في الصحيح "ما أبالي ما أتيت إن [ ص: 413 ]
ألا كل شيء ما خلا الله باطل . . . . . . . . . . . . . . .
قال الإمام ولم يبلغني أنه -صلى الله عليه وسلم- أنشد بيتا تاما روايته بل إما الصدر كقول إبراهيم الحربي ، لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل . . . . . . . . . . . . . . .
أو العجز كقول طرفة :
. . . . . . . . . . . . . . . ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وروى عن البيهقي رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة- ما جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت شعر قط .
وروى ابن سعد عن قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم يبنون المسجد : الزهري
هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا ، وأطهر
قال العلماء- رحمهم الله تعالى- وما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- من الرجز كقوله :
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
وقد قال أهل البديع : إن الانسجام هو أن يكون الكلام لخلوه من الانعقاد متحدرا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه ، ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا ، فمنه من بحر الطويل : فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر [الكهف - 29] ومن المديد واصنع الفلك بأعيننا [هود - 37] .
ومن البسيط : فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم [الأحقاف - 25] .
ومن الوافر : ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين [التوبة - 14] . [ ص: 414 ]
ومن الكامل : والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [البقرة - 213] .
ومن الهزج : فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا [يوسف - 93] .
ومن الرجز : ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [الإنسان - 14] .
ومن الرمل : وجفان كالجواب وقدور راسيات [سبأ - 13] .
ومن السريع : أو كالذي مر على قرية [البقرة - 259] .
ومن المنسرح : إنا خلقنا الإنسان من نطفة [الإنسان - 2] .
ومن الخفيف : لا يكادون يفقهون حديثا [النساء - 78] .
ومن المضارع : يوم التناد يوم تولون مدبرين [غافر - 32 ، 33] .
ومن المقتضب : في قلوبهم مرض [البقرة - 10] .
ومن المجتث : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم [الحجر - 49] .
ومن المتقارب : وأملي لهم إن كيدي متين [الأعراف - 183] .
والمشهور بين الناس قوله تعالى : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون [آل عمران - 92] .
وروى أبو يعلى والبزار عن وابن حبان رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- تبت يدا أبي لهب [المسد 1] ، جاءت امرأة أبي لهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه فلما رأى أبو بكر قال : يا رسول الله ، إنها امرأة بذيئة ، وأخاف أن تؤذيك ، فلو قمت ، قال : إنها لن تراني ، فجاءت فقالت : يا أبو بكر إن صاحبك قد هجاني ، قال : ما يقول الشعر ، قالت : أنت عندي مصدق وانصرفت ، قلت : يا رسول الله ، لم ترك ، قال : ما زال ملك يسترني بجناحيه . أبا بكر ، لما نزلت :
وروى الحميدي من طريق وأبو يعلى إسحاق بن إبراهيم الهروي ، وبقية الإسناد ثقات عن أسماء- رضي الله تعالى عنها- قالت : تبت يدا أبي لهب [المسد 1] أقبلت العوراء أم جميل ابنة حرب ولها ولولة وفي يديها فهر من حجارة وهي تقول :
مذمما عصينا وأمره أبينا
ودينه ملينا
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد ، ثم قرأ قرآنا ومعه أبو بكر ، قال : يا رسول الله ، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إنها لن تراني" ، وقرأ قرآنا اعتصم به ، كما . [ ص: 415 ]
قال الله تعالى : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا [الإسراء 45] ، فأقبلت حتى وقفت على ولم تر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت : يا أبي بكر ، إن صاحبك هجاني فقال : ورب هذا البيت ، ما هجاك ، قال : فولت وهي تقول : قد علمت أبا بكر ، قريش أني ابنة سيدها . لما نزلت :
ووقع في "تنبيه" الشيخ أبي إسحاق الشيرازي عدة مواضع موزونة . قال النووي : كان لا يحسن الشعر ، ولكن يميز بين جيده ورديئه وقال الزركشي : ظاهر كلامهم أن هذا من خصائص نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأن غيره من الأنبياء ليس كذلك . قلت : وهو ظاهر لأن غيره من الأنبياء لم يؤتوا .