[ ص: 368 ] فصل ( ) . السلام والدعاء لأهل الذمة ومصافحتهم
قيل للإمام رضي الله عنه نعامل أحمد اليهود والنصارى ونأتيهم في منازلهم وعندهم قوم مسلمون أسلم عليهم ؟ قال نعم تنوي السلام على المسلمين فيؤخذ منه وجوب النية لذلك ، وسبق في الفصل قبله يسلم عليهم ولا ينويه فيؤخذ منه أن هذه النية لا تجب لكن لا ينوي السلام عليه . وهاتان الروايتان هما نظير الروايتين فيمن حلف لا يسلم على رجل فسلم على قوم هو فيهم هل يحنث إن لم ينو إخراجه أو يحنث إن قصده فقط .
وسئل عن مصافحة أهل الذمة فكرهه وروى أحمد أبو حفص حديث في النهي عن مصافحتهم وابتدائهم بالسلام وقال له أبي هريرة أبو داود : يكره أن يقول الرجل للذمي كيف أصبحت ، أو كيف أنت ؟ أو كيف حالك ؟ قال أكرهه ، هذا عندي أكبر من السلام وقال من أصحابنا في شرح الهداية : أهل الذمة لا تبدأهم بالسلام ، ويجوز أن يجيبهم هداك الله ، وأطال الله بقاءك ، ونحوه . وكذا قال بعض الشافعية . واختار بعضهم أنه يقول ذلك للحاجة فقط . الشيخ وجيه الدين
ولم يصرح أصحابنا بخلاف قول الشيخ تقي الدين لكن ذكروا قول رحمه الله في كيف أصبحت ؟ ونحوه واقتصروا عليه ، فيحتمل أن يؤخذ منه منع غيره كالسلام ويحتمل جواز منع الدعاء بالبقاء ونحوه إلا بنية الجزية أو الإسلام ، أو الإخبار بالواقع . وهذا قد يقال هو نظير نص أحمد في أكرمك الله ينوي الإسلام فيكون هو مذهبه فيهما ويحتمل مع الحاجة فقط ، وأما الدعاء بالهداية ونحوها فهذا جوازه واضح . [ ص: 369 ] أحمد
وقال الشيخ تقي الدين إن خاطبه بكلام غير السلام مما يؤنسه به فلا بأس بذلك وقال صاحب المحيط من الحنفية إن نوى بقلبه أن الله يطيل بقاءه لعله يسلم أو يؤدي الجزية عن ذل وصغار فلا بأس به لأنه دعا له الإسلام في الأول وفي الثاني منفعة للمسلمين وإن لم ينو شيئا لا يجوز قال : ولو قال لذمي أرشدك الله أو هداك الله فحسن وقال : سئل إبراهيم الحربي عن الرجل المسلم يقول للرجل النصراني أكرمك الله قال نعم . أحمد بن حنبل
يقول أكرمك الله يعني بالإسلام ويتوجه فيه ما سبق من الدعاء بالبقاء وإنه كالدعاء بالهداية ويشبه هذا أعزك الله ، وذكر عن أبو جعفر النحاس أنه قاله لنصراني وأنه عوتب فقال أخذته من عز الشيء إذا قل قال الشافعي أحمد بن القاسم الطوسي : كان إذا نظر إلى نصراني غمض عينيه فقيل له في ذلك ، فقال : لا أقدر أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه . أحمد بن حنبل
وقال في الحديث الرابع من حديث ابن هبيرة أبي موسى .
وروي عن أنه كان إذا رأى يهوديا أو نصرانيا غمض عينيه ويقول : لا تأخذوا عني هذا فإني لم أجده عن أحد ممن تقدم ولكني لا أستطيع أن أرى من كذب على الله وكنى أحمد بن حنبل نصرانيا واحتج بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أحمد رضي الله عنه . عمر