وقال في الصحاح الحمق والحمق قلة العقل ، وقد حمق الرجل بالضم حماقة فهو أحمق وحمق أيضا بالكسر يحمق حمقا مثل غنم غنما فهو حمق وامرأة حمقاء وقوم ونسوة حمق وحمقى وحماقى ، وحمقت السوق بالضم أي كسدت ، أحمقت المرأة أي جاءت بولد أحمق فهي محموق ومحمقة ، فإن كان من عادتها أن تلد الحمقى فهي محماق ، ويقال أحمقت الرجل إذا وجدته أحمق ، وحمقته تحميقا نسبته إلى الحمق ، وحامقته إذا ساعدته على حمقه ، واستحمقته أي عددته أحمق ، وتحامق فلان إذا تكلف الحماقة ، ويقال حمقت السوق بالكسر وانحمقت أي [ ص: 212 ] كسدت ، وانحمق الثوب أي أخلق . الجوهري
ذكر يوما المغيرة بن شعبة فقال : كان والله أفضل من أن يخدع وأعقل من أن يخدع وقال عمر بن الخطاب يوما : العاقل من يعرف عيب نفسه ، فقال له الحجاج عبد الملك فما عيبك قال أنا حسود حقود ، فقال عبد الملك ما في إبليس شر من هاتين .
وقال صلة العاقل إقامة دين الله ، الحسن البصري قربة إلى الله ، وإكرام المؤمن خدمة لله وتواضع له ، كان يقال : إذا تم العقل نقص الكلام قال الشاعر : وهجران الأحمق
ألا إنما الإنسان غمد لعقله ولا خير في غمد إذا لم يكن نصل فإن كان للإنسان عقل فإنه
هو النصل والإنسان من بعده فضل
وقال آخر :
وليس عتاب المرء للمرء نافعا إذا لم يكن للمرء عقل يعاتبه
وقال آخر :
تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم ولا تلقهم بالعقل إذا كنت ذا عقل
فإني رأيت المرء يشقى بعقله كما كان دون اليوم يسعد بالعقل
وكان إذا أخبر عن أحد بصلاح قال كيف عقله ؟ ما يتم دين امرئ حتى يتم عقله وقال الحسن البصري الأوزاعي قيل لعيسى يا روح الله أنت تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي الموتى بإذن الله فما دواء الأحمق ؟ قال : ذلك أعياني .
وقال قال زيد بن أسلم لقمان لابنه يا بني لأن يضربك الحليم خير من أن يداهنك الأحمق .
وقال خصلتان لا تعدمك من الأحمق ، أو قال من الجاهل : كثرة الالتفات وسرعة الجواب . عمر بن عبد العزيز
وقال سهل بن هارون ثلاثة من المجانين وإن كانوا عقلاء الغضبان ، والعريان ، والسكران .
سمع الأحنف رجلا يقول [ ص: 213 ] ما أبالي أمدحت أم هجيت ، فقال استرحت من حيث تعب الكرام .
وقالت العرب : استراح من لا عقل له .
وقالت الفرس : مات من لا عقل له قال الشاعر :
كم كافر بالله أمواله تزداد أضعافا على كفره
ومؤمن ليس له درهم يزداد إيمانا على فقره
لا خير فيمن لم يكن عاقلا يمد رجليه على قدره
وروى في تاريخه عن الحاكم وقيل له ما خير ما أعطي الإنسان قال غريزة عقل قلت : فإن لم يكن قال حسن أدب قلت : فإن لم يكن قال أخ شفيق يستشيره فيشير عليه قلت : فإن لم يكن قال صمت طويل قلت فإن لم يكن قال موت عاجل . ابن المبارك
الحمقى : استعمل ومن كلام رجلا من معاوية كلب فذكر المجوس يوما فقال لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم والله لو أعطيت عشرة آلاف درهم ما نكحت أمي ، فبلغ ذلك قال قبحه الله أترونه لو زيد فعل قيل معاوية لبردعة الموسوس أيما أفضل غيلان أم معلى قال معلى قال : ومن أين ؟ قال ; لأنه لما مات غيلان ذهب معلى إلى جنازته ، فلما مات معلى لم يذهب غيلان إلى جنازته .
رفع رجل من العامة ببغداد إلى بعض ولاتها على جار له أنه يتزندق ، فسأله الوالي عن قوله الذي نسبه به إلى الزندقة ؟ فقال : هو مرجئ ناصبي ، رافضي من الخوارج يبغض معاوية بن الخطاب الذي قتل علي بن العاص . فقال له ذلك الوالي : ما أدري على أي شيء أحسدك ؟ أعلى علمك بالمقالات أم على بصرك بالأنساب ؟
دخل رجل من العامة الجهلة الحمقى على شيخ من شيوخ أهل العلم فقال له : أصلح الله الشيخ قد سمعت في السوق الساعة شيئا منكرا ولا ينكره [ ص: 214 ] أحد قال وما سمعت قال : سمعتهم يسبون الأنبياء قال الشيخ : ومن المشتوم من الأنبياء قال : سمعتهم يشتمون قال يا أخي ليس معاوية بنبي قال : فهبه نصف نبي لم يشتم ؟ معاوية
وقال ذكر لي بعض عمرو بن بحر الإباضية أنه جرى عنده ذكر الشيعة يوما فغضب وشتمهم وذكر ذلك كالمنكر عليهم نحلتهم إنكارا شديدا قال : فسألته يوما عن سبب إنكاره على الشيعة ولعنه لهم ؟ فقال : لمكان الشين في أول كلمة لأني لم أجد ذلك قط إلا في مسخوطة مثل شؤم وشر وشيطان وشيخ وشعث وشعب وشرك وشتم وشقاق وشطرنج وشين وشن وشانئ وشوصة وشوك وشكوى وشنان ، فقلت له : إن هذا كثير ما أظن أن هذا القوم يقيم الله لهم علما مع هذا أبدا .
سلم فزارة صاحب المظالم بالبصرة على يساره في الصلاة فقيل له في ذلك ، فقال : كان على يميني إنسان لا أكلمه . قال فزارة يوما في مجلسه : لو غسلت يدي مائتي مرة ما تنظفت حتى أغليها مرتين ، وفيه يقول الشاعر :
ومن المظالم أن تكون على المظالم يا فزاره
ولي رجل مقل قضاء الأهواز فأبطأ عليه رزقه وحضر عيد الأضحى وليس عنده ما يضحي به ولا ما ينفق فشكا ذلك إلى زوجته فقالت : لا تغتم فإن عندي ديكا جليلا قد سمنته فإذا كان عيد الأضحى ذبحناه فلما كان يوم الأضحى وأرادوا الديك للذبح طار على سقوف الجيران فطلبوه وفشا الخبر في الجيران وكانوا مياسير فرقوا للقاضي ورقوا لقلة ذات يده فأهدى إليه كل واحد كبشا فاجتمعت في داره أكبش كثيرة وهو في المصلى لا يعلم ، فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي قال لامرأته من أين هذا ؟ فقالت : أهدى إلينا فلان وفلان حتى سمت جماعتهم ما ترى [ ص: 215 ] قال : ويحك احتفظي بديكنا هذا فما فدي إسحاق بن إبراهيم إلا بكبش واحد ، وقد فدي ديكنا بهذا العدد .