وروى عن الخلال مرفوعا { سهل بن سعد } وروي أيضا عن إن الله كريم يحب الكريم ومعالي الأخلاق ويكره سفسافها مرفوعا { جابر } السفساف الأمر الحقير ، والرديء من كل شيء ضد المعالي والمكارم وقد قيل : إن الله يحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها
إذا أنت جازيت المسيء بفعله ففعلك من فعل المسيء قريب
وقيل أيضا :وإذا أردت منازل الأشراف فعليك بالإسعاف والإنصاف
وإذا بغى باغ عليك فخله والدهر فهو له مكاف كاف
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } رواه ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه من رواية عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه ولم يرو عنه غير ابنه عيينة ووثقه أبو زرعة عن مرفوعا ، أبي بكرة ولمسلم وأبي داود وغيرهما عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم { } قال إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد . ولا يبغي أحد على أحد الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين نوعي الاستطالة لأن المستطيل إن استطال بحق فهو المفتخر ، وإن استطال بغير حق فهو الباغي .
فلا يحل [ ص: 209 ] لا هذا ولا هذا من حديث ولمسلم { أبي هريرة } ويأتي في أحاديث اللباس أواخر الكتاب { ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله } . لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر عليه السلام ولا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا
وقال محمد بن علي بن حسين يا عجبا من المختال الفخور الذي خلق من نطفة ثم يصير جيفة لا يدري بعد ذلك ما يفعل به وقيل لعيسى عليه السلام طوبى لبطن حملك ، فقال طوبى لمن علمه الله كتابه ولم يكن جبارا وقال كيف يتيه من أوله نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة . مالك بن دينار
وقال منصور :
تتيه وجسمك من نطفة وأنت وعاء لما تعلم
وقال جعفر بن محمد علم الله أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ولولا ذلك لما ابتلي مؤمن بذنب وقال الشاعر :
ومن أمن الآفات عجبا برأيه أحاطت به الآفات من حيث يجهل
وقال إن من التواضع الرضا بالدون من شرف المجلس ، وأن تسلم على من لقيت وقال عبد الله بن مسعود التعزز على الأغنياء تواضع . كان يقال الغنى في النفس ، والكرم في التقوى ، والشرف في التواضع وكان عبد الله بن المبارك سليمان بن داود عليهما السلام يجيء إلى أوضع مجالس بني إسرائيل ويقول مسكين بين ظهراني مساكين وكان يقال ثمرة القناعة الراحة ، وثمرة التواضع المحبة .
وقال لقمان لابنه يا بني [ ص: 210 ] تواضع للحق تكن أعقل الناس وقال ليس الذي يقول الحق ويفعله بأفضل من الذي يسمعه فيقبله . أبو الدرداء
وقال بعض الفلاسفة إذا نسك الشريف تواضع ، وإذا نسك الوضيع تكبر وقال بعض الفلاسفة أظلم الناس لنفسه من تواضع لمن لا يكرمه ، ورغب فيمن يبعده .
وقال بزرجمهر : وجدنا التواضع مع الجهل والبخل أحمد من الكبر مع الأدب والسخاء وقال ابن السماك للرشيد تواضعك في شرفك أشرف من شرفك .
قال : روي من حديث ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر لا يعجبنكم إيمان الرجل حتى تعلموا ما عقدة عقله } وهذا الخبر من رواية إسحاق بن أبي فروة مذكور في ترجمته وهو متروك قال : وقد روي { ابن عبد البر موسى وحكمة داود حق على العاقل أن يكون له أربع ساعات ، ساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يقضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقون عن نفسه ، وساعة يخلي فيها بين نفسه ولذاتها فيما يحل ويجمل ، فإن هذه الساعة عون له قال وعلى العاقل أن يكون عارفا بزمانه مالكا للسانه ، مقبلا على شأنه } . عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في صحف
وقال بعضهم أوحى الله إلى موسى أتدري لم رزقت الأحمق قال : لا قال : ليعلم العاقل أن الرزق ليس باحتيال وقال صلى الله عليه وسلم : { ثلاث من حرمهن فقد حرم خير الدنيا والآخرة عقل يداري به الناس ، وحلم يداري به السفيه ، وورع يحجزه عن المحارم } .
افتخر رجلان عند فقال : أتفتخران بأجساد بالية ، وأرواح في النار ؟ إن يكن لكما عمل فلكما أصل ، وإن يكن لكما خلق فلكما شرف ، وإن يكن لكما تقوى فلكما كرم وإلا فالحمار خير منكما ولستما خيرا من أحد . وقال أيضا رضي الله عنه : العاقل الذي لم يحرمه نصيبه من الدنيا حظه من الآخرة . وقال أيضا في وصيته لابنه : لا مال أعود من [ ص: 211 ] العقل ، ولا فقر أشد من الجهل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة كالمشاورة ، ولا حسب كحسن الخلق وكان يقال إذا كان علم الرجل أكثر من عقله كان قمنا أن يضره علمه . علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال الشاعر :
ولا خير في حسن الجسوم وطولها إذا لم يزن حسن الجسوم عقول