[ ص: 112 ] ثم دخلت سنة تسع عشرة وستمائة
فيها نقل تابوت العادل من القلعة إلى تربته بالعادلية الكبيرة ، فصلي عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي ، ثم جاءوا به إلى التربة المذكورة ، فدفن بها ، ولم تكن المدرسة كملت بعد ، وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية أيضا ، وذكر الدرس بها القاضي جمال الدين المصري ، وحضر عنده السلطان المعظم ، فجلس في الصدر ، وعن شماله القاضي ، وعن يمينه جمال الدين الحصيري شيخ الحنفية ، وكان في المجلس الشيخ إمام السلطان ، والشيخ تقي الدين بن الصلاح سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس ، وإلى جانبه شمس الدين بن سني الدولة ، ويليه النجم خليل قاضي العسكر ، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي ، وتحته محيي الدين بن الزكي ، وفيه خلق من الأعيان والأكابر ، وفيهم . فخر الدين بن عساكر
وفيها أرسل الملك المعظم الصدر البكري محتسب دمشق إلى جلال الدين [ ص: 113 ] ابن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالآ عليه ، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة ، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ .
وحج في هذه السنة الملك المسعود أقسيس بن الكامل صاحب اليمن ، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلى قبة زمزم ، وكان إذا نام في دار الإمارة يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه وهو نوم سكر ، قبحه الله تعالى ، ولكن كان مع هذا كله مهيبا محترما ، والبلاد به آمنة مطمئنة ، وقد كان يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة ، فجرى بسبب ذلك فتنة عظيمة ، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد .
وفيها كان بالشام جراد كثير أكل الزرع والثمار والأشجار .
وفيها القفجاق والكرج ، وقتال كثير بسبب ضيق بلاد وقعت حروب كثيرة بين القفجاق عليهم .
وفيها ولي قضاء القضاة ببغداد أبو عبد الله محمد بن فضلان ، ولبس الخلعة في دار نائب الوزارة بحضرة الأعيان والكبراء ، وقرئ تقليده بحضرتهم ، وساقه مؤيد الدين محمد بن محمد القمي ابن الساعي بحروفه .