(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) قيل نزلت في
نصارى نجران قاله
مقاتل . وقال الجمهور : في عامة
النصارى ؛ فإنهم يعتقدون الثالوت ، يقولون : الأب والابن ، وروح القدس إله واحد . وقيل في
اليهود والنصارى ، نهاهم عن تجاوز الحد . والمعنى : في دينكم الذي أنتم مطلوبون به ، وليست الإشارة إلى دينهم المضلل ، ولا أمروا بالثبوت عليه دون غلو ، وإنما أمروا بترك الغلو في دين الله على الإطلاق . وغلت
اليهود في حط
المسيح عليه السلام عن منزلته حيث جعلته مولودا لغير رشده . وغلت
النصارى فيه حيث جعلوه إلها . والذي يظهر أن قوله : يا أهل الكتاب خطاب
للنصارى بدليل آخر الآية . ولما أجاب الله تعالى عن شبه
اليهود الذين يبالغون في الطعن على
المسيح أخذ في أمر
النصارى الذين يفرطون في تعظيم
المسيح حتى ادعوا فيه ما ادعوا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا على الله إلا الحق ) ، وهو تنزيهه عن الشريك والولد والحلول والاتحاد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : إنما
المسيح على وزن السكيت . وتقدم شرح الكلمة في (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45بكلمة منه اسمه المسيح ) ، ومعناها ألقاها إلى
مريم أوجد هذا الحادث في
مريم ، وحصله فيها . وهذه الجملة قيل حال . وقيل صفة على تقدير نية الانفصال ; أي وكلمة منه . ومعنى روح منه أي صادرة ; لأنه ذو روح وجد من غير جزء من ذي روح ، كالنطفة المنفصلة من
[ ص: 401 ] الأب الحي ، وإنما اخترع اختراعا من عند الله وقدرته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب :
عيسى روح من أرواح الله تعالى الذي خلقها واستنطقها بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى ) بعثه الله إلى مريم فدخل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وأبو روق : وروح منه ; أي : نفخة منه ، إذ هي من
جبريل بأمره . وأنشد بيت
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
فقلت له اضممها إليك وأحيها بروحك واجعله لها قيتة قدرا
يصف سقط النار وسمي روحا لأنه حدث عن نفخة
جبريل . وقيل : ومعنى وروح منه ; أي : رحمة . ومنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وأيدهم بروح منه ) . وقيل : سمي روحا لإحياء الناس به كما يحيون بالأرواح ، ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=28867سمي القرآن روحا . وقيل : المعني بالروح هنا الوحي ; أي : ووحي إلى
جبريل بالنفخ في درعها ، أو إلى ذات
عيسى أن كن ، ونكر " وروح " لأن المعنى على تقدير صفة لا على إطلاق روح ; أي : وروح شريفة نفيسة من قبله تعالى . و ( من ) هنا لابتداء الغاية ، وليست للتبعيض كما فهمه بعض
النصارى فادعى أن
عيسى جزء من الله تعالى ، فرد عليه
علي بن الحسين بن وافد المروزي حين استدل النصراني بأن في القرآن ما يشهد لمذهبه وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وروح منه ) فأجابه
ابن وافد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) . وقال : إن كان يجب بهذا أن يكون
عيسى جزءا منه وجب أن يكون ما في السماوات وما في الأرض جزءا منه ، فانقطع النصراني وأسلم . وصنف
ابن فايد إذ ذاك كتاب النظائر . ( فآمنوا بالله ورسله ) أي : الذين من جملتهم
عيسى ومحمد ، عليهما السلام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا ثلاثة ) خبر مبتدأ محذوف ; أي : الآلهة ثلاثة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله
والمسيح و مريم ثلاثة آلهة ، وأن
المسيح ولد الله من مريم . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) . وقالت
النصارى :
المسيح ابن الله ، والمشهور المستفيض عنهم أنهم يقولون : في المسيح لاهوتيته وناسوتيته من جهة الأب والأم ، ويدل عليه قوله : إنما المسيح
عيسى ابن مريم ، فأثبت أنه ولد لمريم اتصل بها اتصال الأولاد بأمهاتهم ، وأن اتصاله بالله عز وجل من حيث إنه رسوله ، وإنه موجود بأمره ، وابتداعه جسدا حيا من غير أب ينفي أنه يتصل به اتصال الأبناء بالآباء . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سبحانه أن يكون له ولد ) وحكاية الله أوثق من حكاية غيره ، وهذا الذي رجحه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قاله يريد بالتثليث : الله تعالى ، وصاحبته ، وابنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا إن صحت الحكاية عنهم أنهم يقولون هو جوهر واحد ثلاثة أقانيم : أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم روح القدس ، وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات ، وبأقنوم الابن العلم ، وبأقنوم روح القدس الحياة ، فتقديره الله ثلاثة . انتهى . وقال
ابن عطية : يحتمل أن يكون التقدير : المعبود ثلاثة ، أو الآلهة ثلاثة ، أو الأقانيم ثلاثة . وكيفما تشعب اختلاف عبارات
النصارى فإنه يختلف بحسب ذلك التقدير انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : تقديره آلهة ثلاثة . وقال
الفراء وأبو عبيد : تقديره ثلاثة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سيقولون ثلاثة ) وقال
أبو علي : التقدير الله ثالث ثلاثة ، حذف المبتدأ والمضاف . انتهى . أراد
أبو علي موافقة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) أي : أحد آلهة ثلاثة والذي يظهر أن الذي أثبتوه هو ما أثبت في الآية خلافه ، والذي أثبت في الآية بطريق الحصر إنما هو وحدانية الله تعالى ، وتنزيهه أن يكون له ولد ، فيكون التقدير : ولا تقولوا الله ثلاثة . ويترجح قول
أبي علي بموافقته الآية التي ذكرناها ، وبقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سبحانه أن يكون له ولد ،
والنصارى nindex.php?page=treesubj&link=29434_32430وإن اختلفت فرقهم فهم مجمعون على التثليث .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انتهوا خيرا لكم ) تقدم الكلام في انتصاب خيرا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تقدير مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في نصبه لما بعثهم على الإيمان يعني في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فآمنوا خيرا لكم ) وعلى الانتهاء عن التثليث يعني في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انتهوا خيرا لكم ، علم أنه يحملهم على أمر فقال : خيرا لكم ; أي :
[ ص: 402 ] اقصدوا وأتوا خيرا لكم مما أنتم فيه من الكفر والتثليث ، وهو الإيمان والتوحيد . انتهى . وهو تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في الآية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما الله إله واحد ) قال
ابن عطية : إنما في هذه الآية حاصرة ، اقتضى ذلك العقل في المعنى المتكلم فيه ، وليست صيغة ( إنما ) تقتضي الحصر ، ولكنها تصلح للحصر والمبالغة في الصفة ، وإن لم يكن حصر ; نحو : إنما الشجاع عنترة ، وغير ذلك . انتهى كلامه . وقد تقدم كلامنا مشبعا في ( إنما ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11إنما نحن مصلحون ) وكلام
ابن عطية فيها هنا أنها لا تقتضي بوضعها الحصر - صحيح ، وإن كان خلاف ما في أذهان كثير من الناس . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سبحانه أن يكون له ولد ) معناه : تنزيها له وتعظيما من أن يكون له ولد كما تزعم
النصارى في أمره ، إذ قد نقلوا أبوة الحنان والرأفة إلى أبوة النسل . وقرأ
الحسن : إن يكون له ولد ; بكسر الهمزة وضم النون من يكون ، على أن ( إن ) نافية ; أي : ما يكون له ولد فيكون التنزيه عن التثليث ، والإخبار بانتفاء الولد ، فالكلام جملتان ، وفي قراءة الجماعة جملة واحدة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171له ما في السماوات وما في الأرض ) إخبار لملكه بجميع من فيهن ، فيستغرق ملكه
عيسى وغيره . ومن كان ملكا لا يكون جزءا من المالك على أن الجزئية لا تصح إلا في الجسم ، والله تعالى نزه عن الجسم والعرض . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81وكفى بالله وكيلا ) أي : كافيا في تدبير مخلوقاته وحفظها ، فلا حاجة إلى صاحبة ولا ولد ولا معين . وقيل : معناه كفيلا لأوليائه . وقيل : المعنى يكل الخلق إليه أمورهم ، فهو الغني عنهم ، وهم الفقراء إليه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) قِيلَ نَزَلَتْ فِي
نَصَارَى نَجْرَانَ قَالَهُ
مُقَاتِلٌ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : فِي عَامَّةِ
النَّصَارَى ؛ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الثَّالُوتَ ، يَقُولُونَ : الْأَبُ وَالِابْنُ ، وَرُوحُ الْقُدُسِ إِلَهٌ وَاحِدٌ . وَقِيلَ فِي
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، نَهَاهُمْ عَنْ تَجَاوُزِ الْحَدِّ . وَالْمَعْنَى : فِي دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ مَطْلُوبُونَ بِهِ ، وَلَيْسَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى دِينِهِمُ الْمُضَلِّلِ ، وَلَا أُمِرُوا بِالثُّبُوتِ عَلَيْهِ دُونَ غُلُوٍّ ، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِتَرْكِ الْغُلُوِّ فِي دِينِ اللَّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ . وَغَلَتِ
الْيَهُودُ فِي حَطِّ
الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مَنْزِلَتِهِ حَيْثُ جَعَلَتْهُ مَوْلُودًا لِغَيْرِ رُشْدِهِ . وَغَلَتِ
النَّصَارَى فِيهِ حَيْثُ جَعَلُوهُ إِلَهًا . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ خِطَابٌ
لِلنَّصَارَى بِدَلِيلِ آخِرِ الْآيَةِ . وَلَمَّا أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ شُبَهِ
الْيَهُودِ الَّذِينَ يُبَالِغُونَ فِي الطَّعْنِ عَلَى
الْمَسِيحِ أَخَذَ فِي أَمْرِ
النَّصَارَى الَّذِينَ يُفَرِّطُونَ فِي تَعْظِيمِ
الْمَسِيحِ حَتَّى ادَّعَوْا فِيهِ مَا ادَّعَوْا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ) ، وَهُوَ تَنْزِيهُهُ عَنِ الشَّرِيكِ وَالْوَلَدِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إِنَّمَا
الْمِسِّيحُ عَلَى وَزْنِ السِّكِّيتِ . وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْكَلِمَةِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ ) ، وَمَعْنَاهَا أَلْقَاهَا إِلَى
مَرْيَمَ أَوْجَدَ هَذَا الْحَادِثَ فِي
مَرْيَمَ ، وَحَصَّلَهُ فِيهَا . وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ قِيلَ حَالٌ . وَقِيلَ صِفَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ نِيَّةِ الِانْفِصَالِ ; أَيْ وَكَلِمَةٌ مِنْهُ . وَمَعْنَى رُوحٍ مِنْهُ أَيْ صَادِرَةٌ ; لِأَنَّهُ ذُو رُوحٍ وُجِدَ مِنْ غَيْرِ جُزْءٍ مِنْ ذِي رُوحٍ ، كَالنُّطْفَةِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ
[ ص: 401 ] الْأَبُ الْحَيُّ ، وَإِنَّمَا اخْتُرِعَ اخْتِرَاعًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب :
عِيسَى رُوحٌ مِنْ أَرْوَاحِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَهَا وَاسْتَنْطَقَهَا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى مَرْيَمَ فَدَخَلَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَأَبُو رَوْقٍ : وَرُوحٌ مِنْهُ ; أَيْ : نَفْخَةٌ مِنْهُ ، إِذْ هِيَ مِنْ
جِبْرِيلَ بِأَمْرِهِ . وَأَنْشَدَ بَيْتَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
فَقُلْتُ لَهُ اضْمُمْهَا إِلَيْكَ وَأَحْيِهَا بِرُوحِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرَا
يَصِفُ سَقْطَ النَّارِ وَسُمِّيَ رُوحًا لِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ نَفْخَةِ
جِبْرِيلَ . وَقِيلَ : وَمَعْنَى وَرُوحٌ مِنْهُ ; أَيْ : رَحْمَةٌ . وَمِنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) . وَقِيلَ : سُمِّيَ رُوحًا لِإِحْيَاءِ النَّاسِ بِهِ كَمَا يَحْيَوْنَ بِالْأَرْوَاحِ ، وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28867سُمِّيَ الْقُرْآنُ رُوحًا . وَقِيلَ : الْمَعْنِيُّ بِالرُّوحِ هُنَا الْوَحْيُ ; أَيْ : وَوَحْيٌ إِلَى
جِبْرِيلَ بِالنَّفْخِ فِي دِرْعِهَا ، أَوْ إِلَى ذَاتِ
عِيسَى أَنْ كُنْ ، وَنُكِّرَ " وَرُوحٌ " لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ صِفَةٍ لَا عَلَى إِطْلَاقِ رُوحٍ ; أَيْ : وَرُوحٌ شَرِيفَةٌ نَفِيسَةٌ مِنْ قِبَلِهِ تَعَالَى . وَ ( مِنْ ) هُنَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَلَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ
النَّصَارَى فَادَّعَى أَنَّ
عِيسَى جُزْءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَرَدَّ عَلَيْهِ
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَافِدٍ الْمَرْوَزِيُّ حِينَ اسْتَدَلَّ النَّصْرَانِيُّ بِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ مَا يَشْهَدُ لِمَذْهَبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَرُوحٌ مِنْهُ ) فَأَجَابَهُ
ابْنُ وَافِدٍ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) . وَقَالَ : إِنْ كَانَ يَجِبُ بِهَذَا أَنْ يَكُونَ
عِيسَى جُزْءًا مِنْهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جُزْءًا مِنْهُ ، فَانْقَطَعَ النَّصْرَانِيُّ وَأَسْلَمَ . وَصَنَّفَ
ابْنُ فَايِدٍ إِذْ ذَاكَ كِتَابَ النَّظَائِرِ . ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ) أَيْ : الَّذِينَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ
عِيسَى وَمُحَمَّدٌ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ : الْآلِهَةُ ثَلَاثَةٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ التَّصْرِيحُ مِنْهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ
وَالْمَسِيحَ وَ مَرْيَمَ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ ، وَأَنَّ
الْمَسِيحَ وَلَدُ اللَّهِ مِنْ مَرْيَمَ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) . وَقَالَتِ
النَّصَارَى :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، وَالْمَشْهُورُ الْمُسْتَفِيضُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : فِي الْمَسِيحِ لَاهُوتِيَّتُهُ وَنَاسُوتِيَّتُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : إِنَّمَا الْمَسِيحُ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، فَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَلَدٌ لِمَرْيَمَ اتَّصَلَ بِهَا اتِّصَالَ الْأَوْلَادِ بِأُمَّهَاتِهِمْ ، وَأَنَّ اتِّصَالَهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولُهُ ، وَإِنَّهُ مَوْجُودٌ بِأَمْرِهِ ، وَابْتِدَاعُهُ جَسَدًا حَيًّا مِنْ غَيْرِ أَبٍ يَنْفِي أَنَّهُ يَتَّصِلُ بِهِ اتِّصَالَ الْأَبْنَاءِ بِالْآبَاءِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) وَحِكَايَةُ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْ حِكَايَةِ غَيْرِهِ ، وَهَذَا الَّذِي رَجَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَهُ يُرِيدُ بِالتَّثْلِيثِ : اللَّهَ تَعَالَى ، وَصَاحِبَتَهُ ، وَابْنَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْضًا إِنْ صَحَّتِ الْحِكَايَةُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ : أُقْنُومُ الْأَبِ ، وَأُقْنُومُ الِابْنِ ، وَأُقْنُومُ رُوحِ الْقُدُسِ ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِأُقْنُومِ الْأَبِ الذَّاتَ ، وَبِأُقْنُومِ الِابْنِ الْعِلْمَ ، وَبِأُقْنُومِ رُوحِ الْقُدُسِ الْحَيَاةَ ، فَتَقْدِيرُهُ اللَّهُ ثَلَاثَةٌ . انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : الْمَعْبُودُ ثَلَاثَةٌ ، أَوِ الْآلِهَةُ ثَلَاثَةٌ ، أَوِ الْأَقَانِيمُ ثَلَاثَةٌ . وَكَيْفَمَا تَشَعَّبَ اخْتِلَافُ عِبَارَاتِ
النَّصَارَى فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : تَقْدِيرُهُ آلِهَةٌ ثَلَاثَةٌ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ : تَقْدِيرُهُ ثَلَاثَةٌ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ ) وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : التَّقْدِيرُ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، حُذِفَ الْمُبْتَدَأُ وَالْمُضَافُ . انْتَهَى . أَرَادَ
أَبُو عَلِيٍّ مُوَافَقَةَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) أَيْ : أَحَدُ آلِهَةٍ ثَلَاثَةٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الَّذِي أَثْبَتُوهُ هُوَ مَا أُثْبِتَ فِي الْآيَةِ خِلَافُهُ ، وَالَّذِي أُثْبِتَ فِي الْآيَةِ بِطَرِيقِ الْحَصْرِ إِنَّمَا هُوَ وَحْدَانِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَتَنْزِيهُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : وَلَا تَقُولُوا اللَّهُ ثَلَاثَةٌ . وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ
أَبِي عَلِيٍّ بِمُوَافَقَتِهِ الْآيَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ،
وَالنَّصَارَى nindex.php?page=treesubj&link=29434_32430وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِرَقُهُمْ فَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى التَّثْلِيثِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي انْتِصَابِ خَيْرًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَقْدِيرِ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فِي نَصْبِهِ لَمَّا بَعَثَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ) وَعَلَى الِانْتِهَاءِ عَنِ التَّثْلِيثِ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ، عُلِمَ أَنَّهُ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَمْرٍ فَقَالَ : خَيْرًا لَكُمْ ; أَيِ :
[ ص: 402 ] اقْصُدُوا وَأْتُوا خَيْرًا لَكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّثْلِيثِ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّوْحِيدُ . انْتَهَى . وَهُوَ تَقْدِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فِي الْآيَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَاصِرَةٌ ، اقْتَضَى ذَلِكَ الْعَقْلُ فِي الْمَعْنَى الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ ، وَلَيْسَتْ صِيغَةُ ( إِنَّمَا ) تَقْتَضِي الْحَصْرَ ، وَلَكِنَّهَا تَصْلُحُ لِلْحَصْرِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الصِّفَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصْرٌ ; نَحْوَ : إِنَّمَا الشُّجَاعُ عَنْتَرَةُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ . انْتَهَى كَلَامُهُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُنَا مُشْبَعًا فِي ( إِنَّمَا ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=11إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) وَكَلَامُ
ابْنِ عَطِيَّةَ فِيهَا هُنَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي بِوَضْعِهَا الْحَصْرَ - صَحِيحٌ ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا فِي أَذْهَانِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) مَعْنَاهُ : تَنْزِيهًا لَهُ وَتَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ كَمَا تَزْعُمُ
النَّصَارَى فِي أَمْرِهِ ، إِذْ قَدْ نَقَلُوا أُبُوَّةَ الْحَنَانِ وَالرَّأْفَةِ إِلَى أُبُوَّةِ النَّسْلِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : إِنْ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ ; بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ النُّونِ مِنْ يَكُونُ ، عَلَى أَنَّ ( إِنْ ) نَافِيَةٌ ; أَيْ : مَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ فَيَكُونُ التَّنْزِيهُ عَنِ التَّثْلِيثِ ، وَالْإِخْبَارُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ ، فَالْكَلَامُ جُمْلَتَانِ ، وَفِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) إِخْبَارٌ لِمِلْكِهِ بِجَمِيعِ مَنْ فِيهِنَّ ، فَيَسْتَغْرِقُ مِلْكُهُ
عِيسَى وَغَيْرَهُ . وَمَنْ كَانَ مِلْكًا لَا يَكُونُ جُزْءًا مِنَ الْمَالِكِ عَلَى أَنَّ الْجُزْئِيَّةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي الْجِسْمِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى نُزِّهَ عَنِ الْجِسْمِ وَالْعَرَضِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) أَيْ : كَافِيًا فِي تَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ وَحِفْظِهَا ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ وَلَا مُعِينٍ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ كَفِيلًا لِأَوْلِيَائِهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى يَكِلُ الْخَلْقُ إِلَيْهِ أُمُورَهُمْ ، فَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْهُمْ ، وَهُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ .