( سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) فيحتمل أن يكون المعنى : سماعون لكذب قوم آخرين لم يأتوك ; أي : كذبهم ، والذين لم يأتوه يهود فدك . وقيل : يهود خيبر . وقيل : أهل الرأيين . وقيل : أهل الخصام في القتل والدية . ويحتمل أن يكون المعنى : سماعون لأجل قوم آخرين ; أي : هم عيون لهم وجواسيس ; يسمعون منك وينقلون لقوم آخرين ، وهذا الوصف يمكن أن يتصف به المنافقون ، ويهود المدينة . وقيل : السماعون بنو قريظة ، والقوم الآخرون يهود خيبر . وقيل : هل جرى ذكر الجاسوس في كتاب الله ؟ فقال : نعم . وتلا هذه الآية [ ص: 488 ] سماعون لقوم آخرين ، لم يأتوك : صفة لقوم آخرين . ومعنى لم يأتوك : لم يصلوا إلى مجلسك وتجافوا عنك لما فرط منهم من شدة العداوة والبغضاء ، فعلى هذا الظاهر أن المعنى : هم قائلون من الأحبار كذبهم وافتراؤهم ، ومن أولئك المفرطين في العداوة الذين لا يقدرون أن ينظروا إليك . لسفيان بن عيينة
( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) قرئ الكلم ، بكسر الكاف وسكون اللام ; أي : يزيلونه ويميلونه عن مواضعه التي وضعها الله فيها . قال والجمهور : هي حدود الله في التوراة ، وذلك أنهم غيروا الرجم ; أي : وضعوا الجلد مكان الرجم . وقال ابن عباس الحسن : يغيرون ما يسمعون من الرسول ، عليه السلام ، بالكذب عليه . وقيل : بإخفاء صفة الرسول . وقيل : بإسقاط القود بعد استحقاقه . وقيل : بسوء التأويل . قال : المعنى يحرفون حكم الكلام ، فحذف للعلم به . انتهى . ويحتمل أن يكون هذا وصفا الطبري لليهود فقط ، ويحتمل أن يكون وصفا لهم وللمنافقين فيما يحرفونه من الأقوال عند كذبهم ، لأن مبادئ كذبهم يكون من أشياء قيلت وفعلت ، وهذا هو الكذب الذي يقرب قبوله . ومعنى من بعد مواضعه : قال من بعد أن وضعه الله مواضعه ، فأحل حلاله وحرم حرامه . الزجاج