( سماعون للكذب أكالون للسحت ) قال الحسن : يسمعون الكلام ممن يكذب عندهم في دعواه فيأتيهم برشوة فيأخذونها . وقال أبو سليمان : هم اليهود ويسمعون الكذب ، وهو قول بعضهم [ ص: 489 ] لبعض : محمد كاذب ليس بنبي ، وليس في التوراة الرجم ، وهم يعلمون كذبهم . وقيل : الكذب هنا شهادة الزور . انتهى . وهذا الوصف إن كان قوله أولا : سماعون للكذب ، وصفا لبني إسرائيل .
وتقدم أن السحت : المال الحرام . واختلف في المراد به هنا ، فعن : إنه الرشوة في الحكم ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، وثمن الكلب والنرد والخمر والخنزير والميتة والدم وعسب الفحل ، وأجرة النائحة والمغنية ، والساحر ، وأجر مصور التماثيل ، وهدية الشفاعة ; قالوا : وسمي سحتا المال الحرام لأنه يسحت الطاعات أو بركة المال أو الدين أو المروءة ; وعن ابن مسعود ابن مسعود ومسروق : إن المال المأخوذ على الشفاعة سحت . وعن الحسن : إن ما أكل الرجل من مال من له عليه دين - سحت . وقيل لعبد الله : كنا نرى أنه ما أخذ على الحكم يعنون الرشا ، قال : ذلك كفر ، قال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) . وقال أبو حنيفة : إذا ارتشى الحاكم يعزل ، وفي الحديث : وقال كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به علي : كسب الحجام سحت ، يعني أنه يذهب المروءة ، وما ذكر في معنى السحت فهو من أمثلة المال الذي لا يحل كسبه . وأبو هريرة
ومن أعظم السحت الرشوة في الحكم ، وهي المشار إليها في الآية . كان اليهود يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام . وعن الحسن : كان الحاكم في بني إسرائيل إذا أتاه أحدهم برشوة جعلها في كمه فأراه إياها ، وتكلم بحاجته ، فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه ، فيأكل الرشوة ويسمع الكذب . وقرأ النحويان وابن كثير : السحت ، بضمتين . وقرأ باقي السبعة : بإسكان الحاء . وزيد بن علي وخارجة بن مصعب عن نافع : بفتح السين وإسكان الحاء ، وقرئ بفتحتين . وقرأ : بكسر السين وإسكان الحاء ، فبالضم والكسر والفتحتين : اسم المسحوت ، كالدهن والرعي والنبض ; وبالفتح والسكون : مصدر أريد به المفعول ، كالصيد بمعنى المصيد ; أو سكنت الحاء طلبا للخفة . عبيد بن عمير