قال تعالى : ( وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ( 44 ) ) .
قوله تعالى : ( على الجودي ) : بتشديد الياء ، وهو الأصل .
وقرئ بالتخفيف لاستثقال الياءين .
( وغيض الماء ) : هذا الفعل يستعمل لازما ومتعديا ، فمن المتعدي : " وغيض الماء " ، ومن اللازم : ( وما تغيض الأرحام ) [ الرعد : 8 ] .
ويجوز أن يكون هذا متعديا أيضا ، ويقال غاض الماء وغضته .
و ( بعدا ) : مصدر ; أي وقيل : بعد بعدا .
و ( للقوم الظالمين ) : تبيين وتخصيص ; وليست اللام متعلقة بالمصدر .
قال تعالى : ( فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ( 46 ) ) .
قوله تعالى : ( إنه عمل ) : في الهاء ثلاثة أوجه أحدها : هي ضمير الابن ; أي إنه ذو عمل . والثاني : أنها ضمير النداء والسؤال في ابنه ; أي أن سؤالك فيه عمل غير صالح . والثالث : أنها ضمير الركوب ، وقد دل عليه " اركب معنا " .
ومن قرأ " عمل " على أنه فعل ماض فالهاء ضمير الابن لا غير .
( فلا تسألني ) : يقرأ بإثبات الياء على الأصل وبحذفها تخفيفا ، والكسرة تدل عليها .
ويقرأ بفتح اللام وتشديد النون على أنها نون التوكيد ; فمنهم من يكسرها ومنهم من يفتحها ، والمعنى واضح .
[ ص: 33 ] قال تعالى : ( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ( 47 ) ) .
قوله تعالى : ( وإلا تغفر لي ) : الجزم بإن ، ولم يبطل عملها بلا ; لأن " لا " صارت كجزء من الفعل ، وهي غير عاملة في النفي وهي تنفي ما في المستقبل ، وليس كذلك " ما " ; فإنها تنفي ما في الحال ; ولذلك لم يجز أن تدخل " إن " عليها ; لأن إن الشرطية تختص بالمستقبل و " ما " لنفي الحال .
قال تعالى : ( وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم قيل يا نوح اهبط بسلام منا ( 48 ) ) .
قوله تعالى : ( قيل يانوح ) : " يا " و " نوح " في موضع رفع لوقوعهما موقع الفاعل . وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ، والنداء مفسر له ; أي قيل قول ، أو قيل هو يا نوح .
( بسلام منا ) : حالان من ضمير الفاعل .
( وأمم ) : معطوف على الضمير في اهبط ; تقديره اهبط أنت وأمم ، وكان الفصل بينهما مغنيا عن التوكيد .
( سنمتعهم ) : نعت لأمم .
قال تعالى : ( ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ( 49 ) ) .
قوله تعالى : ( تلك من أنباء الغيب ) : هو مثل قوله تعالى في آل عمران : ( ذلك من أنباء الغيب ) [ آل عمران : 44 ] وقد ذكر إعرابه .
( ما كنت تعلمها ) : يجوز أن يكون حالا من ضمير المؤنث في " نوحيها " . وأن يكون حالا من الكاف في " إليك " .
قال تعالى : ( قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون وإلى عاد أخاهم هودا ( 50 ) ) .
قوله تعالى : ( من إله غيره ) : قد ذكر في الأعراف .