قال تعالى : ( يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ( 56 ) ) .
قوله تعالى : ( يتبوأ منها حيث يشاء ) : حيث : ظرف ليتبوأ . ويجوز أن يكون مفعولا به ، ومنها يتعلق بيتبوأ ; ولا يجوز أن يكون حالا من " حيث " لأن حيث لا تتم إلا بالمضاف إليه ، وتقديم الحال على المضاف إليه لا يجوز .
و ( يشاء ) بالياء ، وفاعله ضمير يوسف . وبالنون ضمير اسم الله على التعظيم . ويجوز أن يكون فاعله ضمير يوسف ; لأن مشيئته من مشيئة الله .
[ ص: 60 ] واللام في " ليوسف " زائدة ; أي مكنا يوسف .
ويجوز أن لا تكون زائدة ، ويكون المفعول محذوفا ; أي مكنا ليوسف الأمور .
و ( يتبوأ ) : حال من يوسف .
قال تعالى : ( لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ( 62 ) ) .
قوله تعالى : ( لفتيته ) : يقرأ بالتاء على فعلة ، وهو جمع قلة مثل صبية . وبالنون مثل غلمان ، وهو من جموع الكثرة ; وعلى هذا يكون واقعا موقع جمع القلة .
( إذا انقلبوا ) : العامل في إذا : " يعرفونها " .
قال تعالى : ( منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا ( 63 ) ) .
قوله تعالى : ( نكتل ) : يقرأ بالنون ; لأن إرساله سبب في الكيل للجماعة . وبالياء على أن الفاعل هو الأخ ; ولما كان هو السبب نسب الفعل إليه ; فكأنه هو الذي يكيل للجماعة .
قال تعالى : ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ( 64 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا كما أمنتكم ) : في موضع نصب على المصدر ; أي أمنا كأمني إياكم على أخيه .
( خير حافظا ) : يقرأ بالألف ، وهو تمييز ; ومثل هذا يجوز إضافته ، وقيل : هو حال .
ويقرأ " حفظا " وهو تمييز لا غير .
قال تعالى : ( ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ( 65 ) ) . [ ص: 61 ] قوله تعالى : ( ردت ) : الجمهور على ضم الراء ، وهو الأصل .
ويقرأ بكسرها ; ووجهه أنه نقل كسرة العين إلى الفاء ، كما فعل في قيل وبيع ، والمضاعف يشبه المعتل .
( ما نبغي ) : " ما " : استفهام في موضع نصب بنبغي . ويجوز أن تكون نافية ; ويكون في ( نبغي ) وجهان ; أحدهما : بمعنى نطلب ; فيكون المفعول محذوفا ; أي ما نطلب الظلم . والثاني : أن يكون لازما بمعنى : ما نتعدى .
قال تعالى : ( لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله ( 66 ) ) .
قوله تعالى : ( لتأتنني به ) : هو جواب قسم على المعنى ; لأن الميثاق بمعنى اليمين .
( إلا أن يحاط ) : هو استثناء من غير الجنس .
ويجوز أن يكون من الجنس ; ويكون التقدير : لتأتنني به على كل حال إلا في حال الإحاطة بكم .
قال تعالى : ( ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ( 68 ) ) .
قوله تعالى : ( ولما دخلوا من حيث أمرهم ) في جواب " لما " وجهان :
أحدهما : هو آوى ، وهو جواب " لما " الأولى ، والثانية ; كقولك : لما جئتك ولما كلمتك أجبتني ، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب .
والثاني : هو محذوف ، تقديره : امتثلوا أو قضوا حاجة أبيهم ونحوه .
ويجوز أن يكون الجواب معنى " ما كان يغني عنهم " .
و ( حاجة ) : مفعول من أجله ، وفاعل يغني " التفرق " .