قال تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ( 44 ) ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين ( 45 ) وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ( 46 ) ) .
[ ص: 292 ] قوله تعالى : ( بجانب الغربي ) : أصله أن يكون صفة ؛ أي بالجانب الغربي ؛ ولكن حول عن ذلك وجعل صفة لمحذوف ضرورة امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة ؛ إذ كانت هي الموصوف في المعنى ، وإضافة الشيء إلى نفسه خطأ ؛ والتقدير : جانب المكان الغربي .
و ( إذ ) : معموله للجار ، أو لما يتعلق به .
( وما كنت من الشاهدين ) : أي إذ قضينا .
و ( تتلو ) : في موضع نصب خبرا ثانيا ، أو حالا من الضمير في ثاويا .
و ( لكن رحمة ) أي أعلمناك ذلك للرحمة ، أو أرسلناك .
قال تعالى : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ( 48 ) ) .
قوله تعالى : ( قالوا سحران ) : هو تفسير لقوله : أولم يكفروا . وساحران بالألف : أي موسى وهارون .
وقيل : موسى ومحمد صلى الله وسلم عليهما .
وسحران - بغير ألف ؛ أي القرآن والتوراة .
قال تعالى : ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ( 50 ) ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ( 51 ) الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( 52 ) وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ( 53 ) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ( 54 ) ) .
و ( من أضل ) : استفهام في معنى النفي ؛ أي لا أحد أضل .
و ( وصلنا ) : بالتشديد والتخفيف متقاربان في المعنى .
و ( الذين ) : مبتدأ ، و " هم به يؤمنون " : خبره . و ( مرتين ) : في موضع المصدر .
[ ص: 293 ] قال تعالى : ( أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ( 57 ) ) قوله تعالى : ( أولم نمكن لهم حرما ) : عداه بنفسه ؛ لأن نمكن : نجعل ؛ وقد صرح به في قوله : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما ) [ العنكبوت : 67 ] .
و ( آمنا ) ؛ أي من الخسف ، وقصد الجبابرة . ويجوز أن يكون بمعنى يؤمن من لجأ إليه ، أو ذا أمن .
و ( رزقا ) : مصدر من معنى يجبى .
قال تعالى : ( وكنا نحن الوارثين وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا ( 58 ) ) .
و ( كم ) : في موضع نصب بـ " أهلكنا " .
و ( معيشتها ) : نصب ببطرت ؛ لأن معناه : كفرت نعمتها ، أو جهلت شكر معيشتها ، فحذف المضاف .
وقيل : التقدير : في معيشتها ، وقد ذكر في : ( سفه نفسه ) [ البقرة : 130 ] .
و ( لم تسكن ) : حال ، والعامل فيها الإشارة .
ويجوز أن تكون في موضع رفع على ما ذكر في قوله تعالى : ( وهذا بعلي شيخا ) [ هود : 72 ] .
و ( إلا قليلا ) : أي زمانا قليلا .
قال تعالى : ( وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها ( 60 ) ) .
قوله تعالى : ( فمتاع الحياة الدنيا ) أي فالمؤتى متاع .
قال تعالى : ( ثم هو يوم القيامة من المحضرين أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ( 61 ) ) .
قوله تعالى : ( ثم هو ) : من أسكن الهاء شبه " ثم " بالواو والفاء .