[ ص: 294 ] قال تعالى : ( قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ( 63 ) ) .
قوله تعالى : ( هؤلاء ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو مبتدأ ، و " الذين أغوينا " صفة لخبر " هؤلاء " المحذوف ؛ أي هؤلاء هم الذين أغوينا .
و ( أغويناهم ) : مستأنف ذكره أبو علي في التذكرة ؛ قال : ولا يجوز أن يكون " أغويناهم " خبرا ، و " الذين أغوينا " صفة ؛ لأنه ليس فيه زيادة على ما في صفة المبتدأ .
فإن قلت : فقد وصله بقوله تعالى : " كما غوينا " وفيه زيادة ؟ .
قيل : الزيادة بالظرف لا تصيره أصلا في الجملة ؛ لأن الظروف فضلات .
وقال غيره ، وهو الوجه الثاني : لا يمتنع أن يكون " هؤلاء " مبتدأ ، و " الذين " صفة . و " أغويناهم " الخبر من أجل ما اتصل به ، وإن كان ظرفا ؛ لأن الفضلات في بعض المواضع تلزم ، كقولك : زيد عمرو في داره .
قوله تعالى : ( ما كانوا إيانا يعبدون ) : " ما " نافية . وقيل : هي مصدرية ، والتقدير : مما كانوا يعبدون ؛ أي من عبادتهم إيانا .
قال تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ( 68 ) ) .
قوله تعالى : ( ما كان لهم الخيرة ) : " ما " هاهنا : نفي أيضا .
وقيل : هي مصدرية ؛ أي يختار اختيارهم ، بمعنى مختارهم .
قال تعالى : ( من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة ( 71 ) ) .
قوله تعالى : ( سرمدا ) : يجوز أن يكون حالا من الليل ، وأن يكون مفعولا ثانيا لجعل .
و ( إلى ) : يتعلق بسرمدا ، أو بجعل ، أو يكون صفة لسرمدا .
قال تعالى : ( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 74 ) ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون ( 75 ) ) .
[ ص: 295 ] قوله تعالى : ( الليل والنهار لتسكنوا فيه ) : التقدير : جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ، والنهار لتبتغوا من فضله ، ولكن مزج اعتمادا على فهم المعنى .
و ( هاتوا ) : قد ذكر في البقرة .
قال تعالى : ( فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين إن قارون كان من قوم موسى ( 76 ) ) .
قوله تعالى : ( ما إن مفاتحه ) : " ما " بمعنى الذي في موضع نصب بآياتنا ؛ وإن واسمها وخبرها صلة الذي ، ولهذا كسرت " إن " .
و ( لتنوء بالعصبة ) : أي تنيء العصبة ، فالباء معدية معاقبة للهمزة في أنأته ؛ يقال : أنأته ، ونؤت به . والمعنى : تثقل العصبة . وقيل : هو على القلب ؛ أي لتنوء به العصبة .
و ( من الكنوز ) : يتعلق بآتيناه . و ( إذ قال له ) : ظرف لآتيناه . ويجوز أن يكون ظرفا لفعل محذوف دل عليه الكلام ؛ أي بغى إذ قال له قومه .
قال تعالى : ( وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ( 77 ) ) .
قوله تعالى : ( فيما آتاك ) : " ما " مصدرية ، أو بمعنى الذي ، وهي في موضع الحال ؛ أي وابتغ منقلبا فيما آتاك الله أجر الآخرة .
ويجوز أن يكون ظرفا لابتغ .