سورة الشورى .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ( 3 ) له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم ( 4 ) ) .
قوله تعالى : ( كذلك يوحي ) : يقرأ بياء مضمومة على ما سمي فاعله ، والفاعل ( الله ) وما بعده نعت له ، والكاف في موضع نصب بيوحي . ويقرأ على ترك التسمية ؛ وفيه وجهان ؛ أحدهما : أن " كذلك " مبتدأ و " يوحي " الخبر ، و " الله " : فاعل لفعل محذوف ، كأنه قيل : من يوحي ؟ فقال : الله ؛ وما بعده نعت له .
[ ص: 382 ] ويجوز أن يكون " العزيز " مبتدأ ، و " الحكيم " نعت له ، أو خبر . و " له ما في السماوات " خبر ، أو خبر ثان . والثاني : أن يكون " كذلك " نعتا لمصدر محذوف ؛ و " إليك " القائم مقام الفاعل ؛ أي وحيا مثل ذلك .
قال تعالى : ( ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( فريق ) : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي بعضهم فريق في الجنة ، وبعضهم فريق في السعير ؛ ويجوز أن يكون التقدير : منهم فريق .
قال تعالى : ( والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( والظالمون ) : هو مبتدأ ، وما بعده الخبر ؛ ولم يحسن النصب ؛ لأنه ليس في الجملة بعده فعل يفسر الناصب .
قال تعالى : ( ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( ذلكم ) : يجوز أن يكون مبتدأ ، و " الله " عطف بيان ، أو بدل ، و " ربي " الخبر . وأن يكون الله الخبر ، وربي خبر ثان ، أو بدل ؛ أو يكون صفة الله تعالى ، و " عليه توكلت " : الخبر .
قال تعالى : ( ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( فاطر السماوات ) أي هو فاطر ؛ ويجوز أن يكون خبرا آخر .
ويقرأ بالجر بدلا من الهاء في " عليه " . والهاء : في " فيه " ضمير الجعل ، والفعل قد دل عليه ؛ ويجوز أن يكون ضمير المخلوق الذي دل عليه يذرؤكم .
والكاف في " كمثله " زائدة ؛ أي ليس مثله شيء ؛ فمثله خبر ليس ، ولو لم تكن زائدة لأفضى إلى المحال ؛ إذ كان يكون المعنى أن له مثلا ؛ وليس لمثله مثل ، وفي ذلك تناقض ؛ لأنه إذا كان له مثل فلمثله مثل ، وهو هو مع أن إثبات المثل لله سبحانه محال .
وقيل : " مثل " زائدة ، والتقدير : ليس كهو شيء ، كما في قوله تعالى : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به ) [ البقرة : 137 ] . وقد ذكر ؛ وهذا قول بعيد .
قال تعالى : ( وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ( 13 ) ) .
[ ص: 383 ] قوله تعالى : ( أن أقيموا ) : يجوز أن يكون بدلا من الهاء في " به " أو من " ما " و " من الدين " كل صالح .
ويجوز أن تكون " أن " بمعنى أي ، فلا يكون له موضع .
قال تعالى : ( الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب ( 17 ) ) .
قوله تعالى : ( لعل الساعة قريب ) : يجوز أن يكون ذكر على معنى الزمان ، أو على معنى البعث ، أو على النسب ؛ أي ذات قرب .
قال تعالى : ( وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا ( 22 ) ) .
( وهو واقع ) ؛ أي جزاء كسبهم .
وقيل : هو ضمير الإشفاق .
قال تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( 23 ) ) .
قوله تعالى : ( يبشر الله ) : العائد على الذي محذوف ؛ أي يبشر به .
( إلا المودة ) : استثناء منقطع أو العكس . وقيل : هو متصل ؛ أي لا أسألكم شيئا إلا المودة في القربى ؛ فإني أسألكموها .
قال تعالى : ( ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ( 24 ) ) .
قوله تعالى : ( يختم ) : هو جواب الشرط . ( ويمح ) : مرفوع مستأنف ، وليس من الجواب ؛ لأنه يمحو الباطل من غير شرط ، وسقطت الواو من اللفظ لالتقاء الساكنين ، ومن المصحف حملا على اللفظ .
قال تعالى : ( والكافرون لهم عذاب شديد ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ( 26 ) ) .
قوله تعالى : ( ويستجيب ) : هو بمعنى يجيب .
و ( الذين آمنوا ) : مفعول به .
[ ص: 384 ] وقيل : يستجيب دعاء الذين آمنوا .
وقيل : " الذين " في موضع رفع ؛ أي ينقادون له .