[ ص: 151 ] الباب الثاني
في
الضرب
إذا أردت ضرب مقدار من المقادير في مقدار آخر وهما مفردان في أحد جهتي العدد أي ليس أحدهما من مرتبة والآخر من الأخرى ، ضربت عدد أحدهما في عدد الآخر ، فإن كان هو من المرتبة التي بعدها من العدد في جهتهما مساو لبعدهما إلا واحدا ، نحو : مالان في ثلاثة أكعب يكون ستة من المرتبة السادسة أي ستة أموال كعب ، لأن المراتب سبع : العدد ، والشيء ، والمال ، والكعب ، ومال مال ، ومال كعب ، وكعب كعب ، فالمال في المرتبة الثالثة والكعب في الرابعة : وثلاثة وأربعة سبعة ، تنقص منها واحدا تبقى ستة وهي مرتبة الخارج بالضرب وهو مال كعب ، وامتحانه بالعدد الصحيح أن المال أربعة بالعرض ، فمالان ثمانية ، والكعب ثمانية ، وثلاثة منه أربعة وعشرون ، فنحن ضربنا ثمانية في أربعة وعشرين بمائة واثنين وتسعين ، ومال كعب هو اثنان وثلاثون ، لأنه من ضرب الكعب في المال ، واثنان وثلاثون في ستمائة واثنين وتسعين ، وإذا ضربت المجهولات بعضها في بعض عبر عن المتحصل بإضافة اسم المضروب إلى اسم المضروب فيه أو بالعكس ، إلا المال مع الكعب فيقدم المال على الكعب لكونه أعم كما تقدم ، وإلا الشيء إذا ضرب في الشيء فيقال مال والقياس شيء شيء ، كما قالوا مال مال وكعب كعب ، فإن لشيء شيء لفظا مفردا أخذ من المركب وهو مال ، بخلاف غيره ليس له لفظ مفرد ، ولأن مال مال وكعب كعب أبلغ في التركب وأبعد عن البساطة فكان بتركيب الألفاظ أولى ليتناسب اللفظ والمعنى .
وإن ضربنا العدد في أحد المجهولات أو بالعكس نحو ثلاثة آحاد في أربعة أشياء ، أو أربعة أشياء في ثلاثة فالخارج اثنا عشر شيئا ، ولا تقول اثنا عشر [ ص: 152 ] أحدا ، لأن الضرب هو تضعيف المضروب بآحاد المضروب فيه ، ونعني بآحاده ما اشتمل عليه من البسائط لا آحاده المذكورة في اللفظ كما لو قيل : اضرب أربعة في مائتين فإنك تقول ثمانمائة وإن كان المائتان اثنين بالنظر إلى الآحاد الملفوظ بها ، وكان مقتضى ذلك أن تقول ثمانية ، لكنا نظرنا إلى الآحاد البسيطة .
إذا تقرر هذا ، فإذا ضربنا المجهول في المعلوم أو بالعكس أمكننا أن نضعف المجهول بآحاد المعلوم ، لأن آحاده معلومة لنا ، ولا يمكننا تضعيفه بآحاد المجهول البسيطة لأنا لا نعلم ما في المجهول منها ، فلذلك قلنا اثنا عشر شيئا ولم نقل اثنا عشر أحدا ، وكذلك القول في سائر المجهولات إذا ضربت في المعلوم .
ومتى ضربنا مرتبة من مراتب الأعداد المجهولة ولم نعلم ما قبله حتى نركبه من لفظ المال ، فأي شيء يكون اللفظ المعبر عنه به فالطريق قد علمت أن المراتب متناسبة وأن زيادتها بالضرب في الجذر إنما تكون على نحو تلك النسبة ، فعلى هذا إذا كان المضروب مالا فأبدل منه كعبا ، لأن النسبة تقتضي أن الانتقال في مراتب الأعداد المجهولات من المال إلى الكعب ، أو المضروب كعبا ، فمال مال لاقتضاء النسبة ذلك ، وكذلك أبدا ، غير أنك لا تقدم لفظ الكعب على المال ما تقدم ، أو المضروب كعوبا فمال مال ، لأن الارتقاء إنما يحصل من الكعب إلى مال مال وتخلى بقية الكعوب على حالها .
وفي هذا الباب ثلاثة عشر قسما :
القسم الأول في ضرب الجذور وكسورها في الأعداد ، فضرب الجذر في عدد أو كسره يخرج جذورا وكسرا من جذر كشيء في درهمين شيئان ، وشيئان في درهمين أربعة أشياء ، وشيئان في نصف درهم شيء ، وفي ربع درهم نصف شيء ، ونصف شيء في درهم نصف شيء ، وربع شيء في ثمانية دراهم شيئان ، لأنك في الضرب تقدر إضافة المضروب للمضروب فيه ، ولو صرحت بالإضافة ظهر ذلك .
القسم الثاني ضرب الجذور في نفسها وفيما يتركب منها ، فشيء في شيئين [ ص: 153 ] مالان ، وشيء في ثلاثة أشياء ثلاثة أموال ، فشيئان في شيئين أربعة أموال ، ونصف شيء في أربعة أشياء وربع مالان وثمن ، وكله يظهر بالإضافة كما تقدم في حساب الصحيح .
القسم الثالث ضرب الجذر في المال كعب ، وجذرين في مالين أربعة كعاب ، ونصف جذر في مال نصف كعب ، ونصف جذر في نصف مال ربع كعب .
القسم الرابع ضرب الجذر في الكعب مال مال ، وجذران في كعبين أربعة أموال ، ونصف جذر في نصف كعب ربع مال .
القسم الخامس جذر في مال مال مال كعب ، والصحيح والكسور كما تقدم .
القسم السادس ضرب الجذر في مال كعب يخرج كعب كعب ، والصحيح والكسور كما تقدم .
القسم السابع ضرب الجذر في كعب كعب يخرج مال مال كعب ، والصحيح والكسور كما تقدم .
القسم الثامن ضرب المال في نفسه وفيما فوقه ، ويستغنى عن ضرب كل مرتبة علت فيما تحتها بما تقدم في التي قبلها من الضرب ، لأن ضرب المال في الجذر هو ضرب الجذر في المال ، وكذلك بقيتها ، فضرب الكعب في الجذر هو ضرب المال في نفسه الخارج مال مال ، ومالان في مالين أربعة أموال مال مال ، والصحيح والكسور كما تقدم .
القسم التاسع ضرب المال في الكعب يخرج مال كعب ، والصحيح والكسور كما تقدم .
القسم العاشر ضرب المال في مال كعب يخرج مال مال كعب ، والصحيح [ ص: 154 ] والكسور كما تقدم ، ويعرف من هذا بقية المراتب التي لا تتناهى ، وإن ضربت الكعب في كعب كعب خرج كعب كعب كعب ، وإن ضربت كعب كعب في نفسه خرج كعب كعب كعب كعب .
القسم الحادي عشر إذا قصدت ضرب جذر عدد أصم أو منطق في جذر آخر فاضرب العدد المجذور في العدد الآخر المجذور ، فجذر المجتمع هو الخارج من ضرب أحد الجذرين في الآخر ، كما لو قيل : اضرب جذر أربعة في جذر تسعة اضرب تسعة في أربعة تبلغ ستة وثلاثين جذر ها ستة وهو الخارج من ضرب جذر أربعة الذي هو اثنان في جذر تسعة الذي هو ثلاثة ، وكذلك جذر عشرة في جذر خمسة الخارج جذر خمسين ، وكذلك جذر ثمانية في جذر اثنين فالخارج جذر ستة عشر ، وهذان أصمان ، وجذر نصف في جذر ثمانية الخارج جذر أربعة ، وجذر نصف في جذر نصف الخارج جذر ربع ، وكذلك ما في معناه ، فإن قصدت ضرب جذر عدد في عدد جعلت العدد جذرا وتعمل كما تقدم ، نحو جذر أربعة في أربعة تجعل الأربعة جذرا بأن تضربها في نفسها تبلغ ستة عشر وتضرب الأربعة المجذورة في الستة عشر ويؤخذ جذر ها وهو جذر أربعة وستين وذلك ثمانية ، وجذر أربعة في اثنين جذر ستة عشر وجذر أربعة في نصف واحد ، لأنك تضرب نصفا في نفسه يكن ربعا ، تضرب ربعها في أربعة تكون واحدا فجذر ه هو الخارج من ضرب جذر أربعة في نصف واحد ، وكذلك كل ما في معناه ، وكذلك تفعل فيما فوق الأعداد من المراتب من الأموال والكعاب فما فوقها .
فإن قصدت ضرب جذر درهمين في جذر مالين ، فاضرب درهمين في مالين تكون أربعة أموال ، فجذر ها هو الخارج ، وجذر أربعة دراهم في جذر أربعة أموال الخارج جذر ستة عشر مالا ، وجذر أربعة أموال في جذر ربع درهم الخارج جذر مال ، وكذلك ضرب العدد في جذر المال تجعل العدد جذرا لما فوقه كما تقدم ، وتضرب المجذورين ويؤخذ جذر ه ، فدرهمان في جذر مالين الخارج جذر ثمانية أموال ، ونصف درهم في جذر ثمانية أموال الخارج جذر مالين ، وكذلك ضرب [ ص: 155 ] جذر العدد في الأموال تجعل المال جذرا ثم تضربه في العدد ويؤخذ جذر ه ، فجذر أربعة دراهم في مالين الخارج جذر ستة عشر مال مال ، لأن المالين يجعلان جذرا تضربهما في نفسهما تكون أربعة أموال مال ، ثم تضرب في أربعة دراهم تكون ستة عشر مال مال ، فيؤخذ جذر ه ، وجذر درهم في نصف مال الخارج جذر ربع مال مال ، وكذلك كل ما في معناه ، وجذر مالين يخرج جذر أربعة أموال مال وهو مال ، وجذر مالين في جذر نصف مالين الخارج جذر مال مال وهو مال ، وكذلك ضرب جذر الكعاب فما فوقها ، فجذر درهمين في جذر كعبين الخارج جذر أربعة كعاب ، ودرهمان في جذر كعبين الخارج جذر ثمانية كعاب ، وجذر مالين في جذر كعبين الخارج جذر أربعة أموال كعب ، وجذر كعبين في جذر كعبين الخارج جذر أربعة كعاب كعب .
القسم الثاني عشر ضرب المركب من المراتب ، فتضرب كل جنس من المضروب في كل جنس من المضروب فيه ، وتجمع كل جنس إلى جنسه وما كان من جنسين جمعته بواو العطف ، نحو كعاب وثلاثة أموال في مال وأربعة أشياء المرتفع مالا كعب وأحد عشر مال مال واثنا عشر كعبا .
القسم الثالث عشر ضرب ما فيه استثناء أو زيادة ، فتضرب كل جنس من المضروب في كل جنس من المضروب فيه ، ويكون المرتفع من ضرب الزائد في الزائد والناقص في الناقص زائدا ، والمرتفع من ضرب الزائد في الناقص ناقصا ، نحو مال إلا شيئين في ثلاثة أشياء إلا درهمين ، فمال في ثلاثة أشياء زائد في زائد ثلاثة أكعب زائدة ، ومال في درهمين زائد في ناقص مالين ناقصة ، وشيئان في ثلاثة أشياء ناقص في زائد ستة أموال ناقصة ، وشيئان في درهمين ناقص في ناقص أربعة أشياء زائدة ، فإذا جمعت الزوائد واستثنيت منه النواقص كان ثلاثة أكعب وأربعة أشياء إلا ثلاثة ثمانية أموال ، وتسمي العدد المستثنى من المجهول أو المعلوم ناقصا لأنه نقص من غيره ، والمستثنى منه زائدا لأنه حالة الضرب يضرب غير مستثنى منه فهو حينئذ زائد على الواقع في نفس الأمر ، وإذا كان العدد غير مستثنى سمي سالما لسلامته عن الاستثناء .
[ ص: 156 ] وقد يتخيل أن ضرب الناقص في الناقص ينبغي أن يلغى من الجملة وليس كذلك ، بل هو ثابت في المطلوب ، لأنه لو ضرب خمسة إلا اثنين في خمسة إلا اثنين قلنا خمسة في خمسة خمسة وعشرون وهو ضرب الزائد في الزائد ، ونقول خمسة في اثنين بعشرة وهو ضرب الزائد في الناقص فيكون ناقصا فيسقطها من خمسة وعشرين يبقى خمسة عشر ، ثم تضرب اثنين في خمسة بعشرة وهو ضرب الناقص الآخر في الزائد فتكون عشرة ناقصة يبقى خمسة فقط تضرب اثنين في اثنين بأربعة وهو ضرب الناقص في الناقص زائد فتتعين إضافتها للخمسة ، لأنا لما قلنا خمسة إلا اثنين في خمسة إلا اثنين فمعناه اضرب ثلاثة في ثلاثة تبلغ تسعة فإذا أضفنا الأربعة المتحصلة من ضرب الناقص كان الحاصل تسعة وهو المطلوب ، فمعنى أن الناقص في الناقص زائد ، ومعك هاهنا أربعة أعداد مستثنى ومستثنى منه ، ومستثنى ومستثنى منه ، فتضرب اثنين في اثنين ، فلا بد من أربعة ضروب تسقط منها اثنين من المتحصل من الاثنين الآخرين وهما الزائد في الناقص وعكسه ، فيجتمع ما كان من ضرب مستثنى في مثله ومستثنى منه في مثله ، وتسقط من المبلغ ما كان من ضرب مستثنى في مستثنى منه ، والحاصل بعد ذلك هو الجواب ، فيسقط البسيط من جنس واحد ، ويثبت المركب من جنسين على ما تقدم بيانه .
ولا يتصور أن يستثنى من رتبة شيء مما فوقها ، بل يستثنى من المال الدراهم والأشياء التي هي الجذور ، ولا يستثنى منه الكعاب التي هي فوق المال ، لأن الأكثر لا يستثنى من الأقل ، هذا إذا كانا مفردين ، أما إذا تعدد أحدهما الذي هو الأقل جاز ، نحو أربعة أموال إلا كعبا لأن الأربعة أكثر ، وهكذا كل ما في معناه ، وإذا ضربنا مالين إلا درهما في نفسه خرج أربعة أموال مال ودرهم إلا أربعة أموال مال ودرهم إلا أربعة أموال ، وإن ضربنا مالين إلا شيئا في مثله خرج أربعة أموال مال إلا أربعة كعاب ، فيقاس عليه غيره .
فإن قيل عشرة دراهم وشيء في عشرة دراهم إلا شيئا فمعناه عشرة وجذر وليكن الجذر اثنين في عشرة إلا اثنين ، فالمقصود اثنا عشر في ثمانية ، فتضرب [ ص: 157 ] عشرة في عشرة مائة ، وشيء في عشرة يكن عشرة أشياء ، ومعنى عشرة أشياء ثابتة عارضها استثناء عشرة أشياء يتساقطان ويبقى ضرب شيء في الأشياء ، وشيء في الأشياء مال ناقص يخرج أن عشرة وشيئا في عشرة إلا شيئا مائة ينقص مالا .
فإن قيل عشرة دراهم وشيء في شيء إلا عشرة دراهم فتضرب عشرة دراهم في شيء تصير عشرة أشياء ، وشيء في شيء مال ، ثم عشرة دراهم في إلا عشرة تكون إلا عشرة مائة ، تضرب الشيء في إلا عشرة تخرج عشرة أشياء ناقصة يعارضه الأشياء التي كانت معنا فيتساقط الإثبات بالنفي ويبقى شيء في شيء مع الاستثناء ، وضرب الشيء في الشيء مال ، فالمبلغ مال زائد إلا مائة درهم .
والتحقيق أن الغرض ضرب عشرة وجذر في جذر إلا عشرة ، وليكن هذا الجذر الزائد على العشرة أكثر من العشرة ، فإنا لو جعلنا الجذر عشرة استحال أن يكون الجذر في الجانب الآخر عشرة أيضا ، ولا يتأدى استثناء العشرة من العشرة فنقول : عشرة وأحد عشر ، ومن الجانب الآخر الجذر أحد عشر والعشرة استثناء منه فيبقى واحد ، فضربنا العشرة والجذر في بقية الجذر بعد استثناء العشرة ، فترد ضرب أحد وعشرين في واحد بأحد وعشرين ، والجبري يقول اضرب أحد عشر في أحد عشر واستثن منه مائة يبقى أحد وعشرون وهو سواء .