فصل : وأما قول الشافعي : " وأبان بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته " ، واجبة لوجوب طاعته ، قال الله تعالى : وطاعة أولي الأمر يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] وفي أولي الأمر ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم الأمراء . وهو قول ابن عباس .
والثاني : هم العلماء . وهو قول جابر .
والثالث : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو قول مجاهد . فأوجب طاعة أولي الأمر كما أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأين موضع الإبانة بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته ؟ وعن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن طاعة أولي الأمر من طاعة الرسول لتباينهم عنه ، وقيامهم مقامه ، فصار هو المخصوص بها دونهم .
والثاني : أن طاعة الرسول واجبة في أمور الدين والدنيا ، وطاعة أولي الأمر مختصة بأمور الدنيا دون الدين ، فتميز عنهم بوجوب الطاعة .
والثالث : أن طاعة الرسول باقية في أوامره ونواهيه إلى قيام الساعة ، وطاعة أولي الأمر مختصة بمدة حياتهم وبقاء نظرهم ، فكان هذا موضع الإبانة بينه وبينهم .