الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولا يجوز للزوج الإصابة في الردة سواء كان الزوج المرتد أو الزوجة ، فإن أصابها في الردة فلا حد عليه : لأن بقاء أحكام النكاح شبهة في إدراء الحد ، وعليه لها مهر المثل ، فإن لم يعد إلى الإسلام حتى انقضت عدتها ، فاستقر المهر ، عليها أن تعتد من إصابته للاستبراء ، ويكون الباقي من عدة الردة محسوبا من العدتين .

                                                                                                                                            مثاله : أن يكون قد أصابها بعد قرء من ردتها ، فعليها أن تعتد من وقت الإصابة ثلاثة أقراء ، منها قرءان من عدتي الردة والإصابة ، وقرء مختص بعد الإصابة وإسلامها الذي يجتمعان به على النكاح أن يكون في عدة الردة دون عدة الإصابة ، فإن عاد المرتد منهما إلى الإسلام في الباقي من عدة الردة كانا على النكاح ، فأما المهر ، فالذي وجب بالإصابة فقد قال الشافعي : ما يدل على سقوطه بالإسلام ، وقال في المعتدة من طلاق رجعي : إذا أصابها الزوج في العدة فوجب عليه المهر ثم راجعها بعد الإصابة ، أن المهر لا يسقط بالرجعة ، ورجعة المطلقة كإسلام المرتدة ، فاختلف أصحابنا لاختلاف جوابه على طريقين :

                                                                                                                                            أحدهما : نقل جواب كل واحد من المسألتين إلى الأخرى ، وتخريجها على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : سقوط مهرها بعود المرتدة إلى الإسلام ، ورجعة المطلقة على ما نص عليه في المرتدة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن مهرها ثابت لا يسقط بإسلام المرتدة ولا برجعة المطلقة على ما نص عليه في المطلقة .

                                                                                                                                            [ ص: 298 ] والطريقة الثانية : حمل الجواب على ظاهره في الموضعين ، فيسقط مهر المرتدة بالإسلام ، ولا يسقط مهر المطلقة بالرجعة .

                                                                                                                                            والفرق بينهما : أن ثلم الردة قد ارتفع بالإسلام حتى لم يبق للردة تأثير بعودها إلى ما كانت عليه من نكاح وإباحة ، وثلم المطلقة لم يرتفع جميعه بالرجعة ، وإنما ارتفع بها التحريم دون الطلاق ، فكان تأثيره باقيا فبقي ما وجب فيه من المهر ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية