الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا بالأول ، فإن النكاح باطل ، فإن لم يكن الزوج قد دخل بها ، فرق بينهما ولا شيء عليه . وإن كان قد دخل بها ، فرق بينهما وعليه مهر مثلها : لمكان الشبهة ، ولا حد عليه ، والولد لاحق به . وإن قلنا بالقول الثاني : إن النكاح جائز فكان قد شرطته حرا فكان عبدا ، فلها الخيار في فسخ نكاحه ، سواء كانت حرة أو أمة : لنقصه في النكاح عن أحكام الحر : لأن استمتاعها به غير تام لخدمة سيده ، ونفقته نفقة معتبر لأجل رقه ، فإن أقامت على نكاحه ، فلها المسمى ، وإن فسخت ولم يدخل بها فلا مهر لها ، وإن دخل بها فعليه مهر المثل بالإصابة دون المسمى في العقد . فهذا حكم غروره لها بالحرية ، فأما إذا غرها بالنسب ، فشرط لها أنه شريف النسب هاشمي ، أو قرشي ، فبان أنه أعجمي أو نبطي ، نظر في نسبهما : فإن كانت شريفة مثل النسب الذي شرطته ، فلها الخيار في فسخ نكاحه ، ثم الكلام [ ص: 142 ] في المهر إن أقامت أو فسخت على ما مضى . وإن كان دون النسب الذي شرطته ومثل النسب الذي هي عليه أو دونه ، فهل لها الخيار في فسخ نكاحه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لها الخيار لمكان الشرط ، وأن لها عوضا في كون ولدها إذا نسب شريفا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا خيار لها : لأن خيارها يثبت بدخول النقص عليها ، وهذا كفء في النسب ، فلم يدخل عليها به نقص ، فلم يثبت لها فيه خيار .

                                                                                                                                            فأما إذا غرها بما سوى ذلك من الشروط ، نظر : فإن بان أنه على مما شرط ، فلا خيار لها : لأن الخيار إنما يستحق بالنقصان دون الزيادة ، وإن بان أنه أنقص مما شرط ، ففي خيارها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لها الخيار لأجل الشرط .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا خيار : لأن النقصان لا يمنع من مقصود العقد .

                                                                                                                                            قال الشافعي : " وقد ظلم نفسه من شرط هذا " فاختلف أصحابنا في تأويله فقال " من أسقط خيارها : معناه أنها ظلمت نفسها باشتراط ما لم يثبت لها فيه خيار ، وقد تستغني بالمشاهدة عن اشتراطه ، وقال : " من أثبت خيارها " أنه محمول على الشروط الناقصة ، وأنها ظلمت نفسها بما شرطته من نقصان أحواله وأوصافه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية