فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من حكم الثيب ، وإنها مفارقة للبكر من وجهين :
أحدهما : أن البكر تجبر ، والثيب لا تجبر .
والثاني : أن إذن البكر الصمت ، وإذن الثيب النطق ، وجب أن نصف . الثيب بما تمتاز به عن البكر ، وزوال العذرة على ثلاثة أقسام : والثيب : هي التي زالت عذرتها
أحدها : أن يزول بوطء .
والثاني : أن تزول بظفرة أو جناية .
والثالث : أن تزول خلقة وهي أن تخلق لا عذرة لها .
[ ص: 68 ] فأما القسم الأول وهو أن تزول عذرتها بوطء ، : فالوطء على ثلاثة أقسام
أحدها : أن يكون حلالا إما في عقد نكاح ، أو بملك يمين .
والثاني : أن يكون شبهة .
والثالث : أن يكون زنا حراما . وجميع ذلك يزول به البكارة سواء كان الوطء بنكاح أو سفاح ، ويجري عليها حكم الثيب .
وقال أبو حنيفة : إذا زالت عذرتها بزنا ، كانت في حكم البكر إلا أن يتكرر منها استدلالا بأن الزانية إذا تذكرت ما فعلت من الزنا خجلت واستحت من التصريح بطلب الأزواج ، فكان حالها أسوأ حالا من البكر ، ولأن كل وطء لا يبيح الرجعة للزوج الأول لم يزل به حكم البكارة كالوطء في غير القبل .
ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : فكان على عمومه : ولأن بكارتها زالت بوطء ، فوجب أن تكون في حكم الثيب كالموطوءة في نكاح ، ولأن كل وطء زالت به البكارة ، إذا كان حلالا زالت به البكارة وإن كان محظورا كوطء الشبهة ، ولأن كل وطء زالت به البكارة إذا تكرر زالت به البكارة وإن لم يتكرر كالمنكوحة ، وقد قال : إنه لو تكرر منها الزنا صارت ثيبا ، وكذلك إذا لم يتكرر ، ولأن صمت البكر إنما صار إذنا لاستحيائها بدوام الخفر وقلة اختيارها للرجال ، فتميزت عن الثيب التي قد ظهر خفرها وخبرت الرجال ، فصارت أقل حياء من البكر ، والزانية لم تقدم على الزنا إلا لزوال الحياء وارتفاع الخفر ، فصارت أجرأ على القول وأخبر بالرجال من ذات الزوج . وفي هذا الاستدلال انفصال عما أورده ، فأما قياسه مع انتقاضه بتكرار الزنا ، فالمعنى في الوطء في غير القبل بقاء العذرة مفارق الزنا الذي زالت به العذرة في الوطء في غير القبل . ليس للولي مع الثيب أمر