الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا كان الولي ممن لا يجبر على النكاح ، فهل يلزم استئذانها في عقد النكاح أم لا ؟ اختلف أصحابنا فيه على وجهين ، ومنهم من خرجه على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة - : أنه لا يصح توكيله إلا بإذنها : لأنه نائب عنها ، وأشبه الوكيل الذي لا يجوز له أن يوكل فيما هو وكل فيه إلا عن إذن موكله ، فعلى هذا إن لم يستأذنها الولي في توكيله ، فزوجها الوكيل بإذنها أو غير إذنها ، كان النكاح باطلا لفساد الوكالة ، ولو استأذنها الولي فيه بعد عقد الوكالة لم تصح الوكالة حتى يستأذنها الولي بعد إذنها في توكيله ، فإذا وكله بعد إذنها وكان وكيلا لهما جميعا ، فإن رجعت في توكيله بطلت الوكالة ، ولم يكن له أن يزول .

                                                                                                                                            والوجه الثاني - وهو اختيار أبي إسحاق المروزي - : الوكالة جائزة ، وإن لم يستأذنها الولي في عقدها : لأنه موكل في حق نفسه الذي ثبت به بالشرع لا بالاستنابة ، فأشبه الأب وخالف الوكيل المستناب ، فعلى هذا تصح الوكالة ، وإن لم يستأذن المرأة في عقدها ويكون هو وكيلا [ ص: 115 ] للولي وحده ، ولا يؤثر فيه منعها ، لكن ليس للوكيل أن يزوجها إلا بإذنها ، كما لم يكن ذلك لوليها الموكل ، فإن زوجها بغير إذنها كان النكاح باطلا ، سواء زوجها بكفء أو غير كفء ، ولو زوجها الوكيل بإذنها من غير كفء كان النكاح باطلا ، سواء أجازه الولي أو لم يجزه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية