الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن قيل : إن النكاح صحيح نظر في نسب الزوج ، فإن كان مثل نسبها الذي ظهر لها ، فلا خيار له في الفسخ : لأنه لا عار عليه ولا معرة تلحقه ، وإن كان كالنسب الذي شرطه وأعلى من النسب الذي ظهر لها ، فخياره في فسخه معتبر بخياره في غروره بالرق به وبالحرية وتعليل استحقاقه .

                                                                                                                                            فإن قيل : لا خيار له إذا كان مغرورا بالحرية ، فأولى أن لا يكون له الخيار إذا كان مغرورا بالنسب ، وإن قيل : له الخيار إذا كان مغرورا بالحرية ، فهل له الخيار إذا كان مغرورا بالنسب ؟ معتبر باختلاف العلة إذا كان مغرورا بالحرية ، فإن قيل : إن العلة في خياره إذا غر بالحرية أن [ ص: 147 ] يثبت له خيار الفسخ مثل ما ثبت للزوجة ، فله في غرور النسب خيار الفسخ ، كما كان للزوجة وإن قيل : إن العلة في الغرور بالحرية دخول النقص عليه في استرقاق ولده ونقصان استمتاعه ، فلا خيار له في الغرور بالنسب : لأنه لا يدخل عليه نقص في الاستمتاع ولا في الولد : لأن ولده يرجع إليه في نسبه لا إليهما : لأن ولد العربي من العجمية عربي ، وولد العجمي من العربية عجمي ، وفي كشف هذا التعليل وحمل الجواب عليه في استحقاق الخيار مقنع لما أورده المزني ، فأما إذا غرته بنسب ، فوجده أعلى منه ، نظر : فإن شرطت أنها عربية فكانت هاشمية ، فالنكاح جائز ، ولا خيار : لأن الهاشمية عربية وإن ازدادت شرفا فلم تكن الصفة المشروطة مخالفة ، وإن شرطت أنها نبطية أو عجمية فكانت هاشمية أو عربية فالصفة مخالفة للشرط ، فيكون النكاح على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل .

                                                                                                                                            والثاني : جائز ، فلا خيار له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية