قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وإن طلب أن يبوئها معه بيتا لم يكن ذلك على السيد " .
قال الماوردي : وإذا قد مضى الكلام في المهر فنذكر الكلام في النفقة ، أما إذا كان ، فلا نفقة عليه كما لم يكن عليه مهر ، وإن الزوج غير ممكن من الدخول بها لم يجز أن يمنع بعد التمكين من زمان الاستمتاع بها ، وزمان الاستمتاع بها أقل [ ص: 175 ] من زمان الاستمتاع بالحرة : لأن الحرة عليها تمكين نفسها من الزوج ليلا ونهارا ، والأمة يلزم تمكينها من الزوج ليلا ولا يلزم تمكينها منه نهارا . كان ممكنا من الدخول بها
والفرق بينهما : أن الأمة قد استحق السيد استخدامها والزوج الاستمتاع بها ، ولذلك جاز للسيد بعد تزويجها أن يؤجرها ، وليست الحرة مستحقة لخدمة نفسها ، ولذلك لم يجز للزوجة أن تؤجر نفسها ، وجب أن يراعى زمان كل واحد منهما ، فيستوفيه مستحقه ، فوجدنا الليل بالاستمتاع أحق من النهار ، فجعلنا الليل لاستمتاع الزوج ووجدنا النهار بالاستخدام أخص من الليل ، فجعلنا النهار لاستخدام السيد ، ولو كان ما يستحقه من الاستخدام بالنهار يمكن أن يستوفيه منها ، وهي عند الزوج كالغزل والنساجة وما جرى مجراهما من صنائع المنازل ، وإذا اجتمع في منفعة الأمة حقان حق الاستخدام للسيد وحق الاستمتاع للزوج ؟ على وجهين : فهل يجبر السيد إذا وصل إلى حقه من المنفعة والاستخدام أن يسكنها مع الزوج نهارا أم لا
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق - : يلزمه ذلك ويجبر عليه لوصوله إلى حقه .
والوجه الثاني - وهو قول أبي حامد الإسفراييني - : إنه لا يلزمه ذلك : لأن له أن يعدل عن هذا الاستخدام إلى غيره ، وإذا كان كذلك لم يخل حالها مع الزوج من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يمكنه السيد منها ليلا ونهارا ، فعلى الزوج نفقتها كاملة لكمال الاستمتاع .
والقسم الثاني : أن يمنعه منها ليلا ونهارا ، فليس على الزوج نفقتها ولا شيء منها لفوات استمتاعه بها .
والقسم الثالث : أن ، ففي نفقتها وجهان : يمكنه منها ليلا في زمان الاستمتاع ، ويمنعه منها نهارا في زمان الاستخدام
أحدهما - وهو قول أبي إسحاق المروزي - : أنه لا نفقة لها على الزوج ويلتزمها السيد : لأن الزمان الذي تستحق به النفقة ، وهو النهار الذي يستحقه السيد .
والوجه الثاني - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - : أن على الزوج أن ينفق عليها بقسط ما يستحقه من الاستمتاع بها في الليل وعلى السيد أن ينفق عليها بقسط ما يستحقه من الاستخدام لها في النهار : لأن لكل واحد من الزمانين حظا من الحاجة إلى النفقة ، فلم يلزم السيد قسط الليل كما لم يلزم الزوج قسط النهار .