الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن كان له إماء ، فلا بأس أن يأتيهن معا قبل أن يغتسل ، ولو توضأ كان أحب إلي ، وأحب لو غسل فرجه قبل إتيان التي بعدها ، ولو كن حرائر فحللنه فكذلك " .

                                                                                                                                            [ ص: 316 ] قال الماوردي : فأما الإماء ، فلا قسم لهن على السيد ، فإذا أراد وطئهن في يوم واحد جاز ، ويستحب أن يغتسل بعد وطء كل واحدة منهن : لما فيه من تعجيل فرض ، وتكرار ، وطاعة ، ونشاط نفس ، فإن لم يغتسل توضأ عند وطء كل واحدة منهن .

                                                                                                                                            وأنكر أبو داود ما أمر به الشافعي من الوضوء : لأنه مع بقاء الجنابة غير مؤثر في الطهارة ، وما لا تأثير له كان فعله عبثا ، وهذا إنكار مستقبح وقول مسترذل ، واعتراض على السنة .

                                                                                                                                            روى أبو سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ ، وقال لعمر بن الخطاب : " وإذا جامعت ثم أردت المعاودة فتوضأ " . وقال عمر : يا رسول الله ، أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال : نعم ، إذا توضأ فأمر بالوضوء ، وإن لم يرفع حدثا ، فإن لم يتوضأ عند وطء كل واحدة ، فيستحب أن يغسل ذكره بعد وطئها : لأنه مأثور ومسنون ، ولأن فيه نشاط النفس ، ونهوضا للشهوة ، فإن لم يغتسل ولا توضأ ولا غسل ذكره ، ووطأ جميعهن واحدة بعد أخرى حتى أتى جميعهن ، جاز ، واغتسل لهن غسلا واحدا .

                                                                                                                                            وروى حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة بغسل واحد ، وروى : وكن يومئذ تسعا ولأن الغسل تداخل كالحدث ويكره أن ينتقل من وطء واحدة إلى وطء أخرى ، ويصبر حتى تسكن نفسه ، وتقوى شهوته ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الفهر ، والفهر هو إذا وطئ المرأة انتقل منها إلى أخرى ، ويكره أن يطأ بحيث يرى أو يحس به : فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوجس ، وهو : أن يطأ بحيث يسمع حسه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية