[ ص: 368 ] باب  أجل العنين والخصي غير المجبوب والخنثى   ، من الجامع من كتاب قديم ، ومن كتاب التعريض بالخطبة  
مسألة : قال  الشافعي   ، رحمه الله تعالى : أخبرنا  سفيان بن عيينة   ، عن  معمر   ، عن  الزهري   ، عن  ابن المسيب   ،  عن  عمر   رضي الله عنه أنه أجل العنين سنة     ( قال ) : ولا أحفظ عمن لقيته خلافا في ذلك ، فإن جامع ، وإلا فرق بينهما " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال : أما  العنة : فهي العجز عن الوطء للين الذكر وعدم انتشاره   ، فلا يقدر على إيلاجه فسمي من به العنة عنينا ، وفي تسميته بذلك تأويلان :  
أحدهما : أنه سمي عنينا : للين ذكره ، يعني عند إرادة الوطء وانعطافه ، مأخوذ من عنان الفرس للينه .  
والتأويل الثاني : أنه سمي عنينا : لأن ذكره يعن عند إرادة الوطء أن يعترض عن يمين الفرج ويساره فلا يلج ، مأخوذ من العنن ، وهو الاعتراض ، يقال عن لك الرجل إذا اعترضك عن يمينك أو يسارك .  
والعنة : عيب يثبت به للزوجة خيار الفسخ   ، وهو إجماع الصحابة ، وقول جميع الفقهاء إلا شاذا عن  الحكم بن عيينة   وداود      : أنه ليس بعيب ولا خيار فيه : استدلالا  بأن امرأة  رفاعة   لما تزوجت بعده  بعبد الرحمن بن الزبير   أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي أبت طلاقي ، وقد تزوجني  عبد الرحمن بن الزبير   ، وإنما له مثل هدبة الثوب ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : تريدين أن ترجعي إلى  رفاعة   ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك  فلم يجعل العنة فيه عيبا ، ولا جعل لها خيارا .  
وروى  هانئ بن هانئ   أن امرأة شكت إلى  علي بن أبي طالب   رضي الله عنه أن زوجها لا ينتشر ، فقال : ولا عند الحر ، قالت : لا ، قالت : ما عند أست هذا خير ، ثم قال : اذهبي فجيئي به ، فلما جاءه رآه شيخا ضعيفا ، فقال لها : اصبري ، فلو شاء الله أن يبتليك بأكثر من هذا فعل ، ولم يجعل لها خيارا     .  
 [ ص: 369 ] ودليلنا قول الله تعالى :  ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف      [ البقرة : 229 ] فلما كان الوطء حقا له عليها وجب أن يكون حقا لها عليه ، وقال تعالى :  فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان      [ البقرة : 229 ] وهي الفرقة : ولأنه إجماع الصحابة حكي ذلك عن  عمر   ،  وعلي   ،  وابن مسعود   ،  والمغيرة   ،  وابن عمر   وجابر   ، أنه يؤجل فإن أصاب وإلا فرق بينهما ، وليس يعرف لهم في الصحابة مخالف .  
فإن قيل : فقد تقدمت الرواية عن  علي   بخلاف هذا .  
قيل : تلك الرواية ليست ثابتة : لأن  هانئ بن هانئ   ضعيف عند أصحاب الحديث ، ولأن تلك لم يكن زوجها عنينا : لأنه عجز بعد القدرة : لضعف الكبر .  
وقيل : إنها كانت قد عنست عنده ، والعنين هو الذي لم يصبها قط ، وقد قال  الشافعي   في إثبات الإجماع : لا أحفظ عمن لقيته خلافا : ولأنه لما وجب لها بالجب خيار الفسخ : لفقد الإصابة المقصودة فكذلك العنة : ولأن العنين أسوأ حالا من المولي : لأن المولي تارك للإصابة مع القدرة ، والعنين تارك لها مع العجز ، فلما كان لها الفسخ في الإيلاء فلأن يكون لها في العنة أولى : ولأنه لما وجب له الخيار في فسخ نكاحها بالرتق : لتعذر الجماع عليه مع قدرته على فراقها بالطلاق كان أولى أن يجب لها بعنة الزوج : لأنها لا تقدر على فراقه بالطلاق .  
فأما الجواب عن حديث امرأة  رفاعة   فمن وجهين :  
أحدهما : أنها شكت ضعف جماعه ، ولم تشك عجزه عنه ، ألا تراه قال لها :  لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك  ، ولو كان عاجزا لما ذاق واحد منهما عسيلة صاحبه على أنه قد روى  هشام بن عروة   عن أبيه عن  عائشة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك فقالت يا رسول الله قد جاءني هبة  ، وفيه معنيان :  
أحدهما : أن الهبة مرة واحدة . قاله  ابن وهب      .  
والثاني : أنها حقبة من الدهر . قاله  أبو زيد   ، وهذا نص في الجواب .  
والثالث : أنها ادعت ذلك على زوجها ، ولم يكن من الزوج اعتراف بدعواها ، بل أنكر عليها قولها فقال : كذبت يا رسول الله فإني أعركها عرك الأديم العكاظي .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					