مسألة : قال الشافعي : " ولو تزوجها على عبد فوجد حرا ، فعليه قيمته ، ( قال المزني ) : هذا غلط ، وهو يقول : لو تزوجها بشيء ، فاستحق رجعت إلى مهر مثلها ولم تكن لها قيمته ؛ لأنها لم تملكه ، فهي من ملك قيمة الحر أبعد " .
قال الماوردي : وصورتها : أن يصدقها عبدا فيبين العبد حرا أو مستحقا ، فهو صداق باطل لا يتعلق لها برقبة الحر ولا بذمته حق .
وحكي عن الشعبي والنخعي : أن الحر رهن في يدها على صداقها حتى يفك نفسه أو يفكه الزوج .
وهذا خطأ قبيح ؛ لأن ما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه .
وإذا كان كذلك ، ففيما ترجع به الزوجة قولان :
أحدهما : بقيمته لو كان عبدا مملوكا .
والقول الثاني : بمهر مثلها ، واختاره المزني ، واستشهد له بالمستحق ولا دليل فيه ؛ لأن كلاهما على قولين .
ولكن لو قال لها وقت العقد : قد أصدقتك هذا الحر ، كان لها مهر مثلها قولا واحدا ؛ لأن علمها بحريته يمنع من استحقاقه ، أو الرجوع إلى قيمته أن لو كان عبدا . ولو أصدقها خلا فبان خمرا ، قال أصحابنا : ترجع عليه بمهر المثل قولا واحدا ؛ لأن الخمر ليس له في الخل مثل ، فيرجع إلى قيمته أن لو كان خلا ، وليس كالحر ؛ لأن له في العبيد مثل ، فجاز أن يرجع إلى قيمته أن لو كان عبدا .
ولو أصدقها عبدا موصوفا في الذمة جاز ، كالسلم ، ولزمه تسليم عبد على تلك الصفة .
ولو أصدقها عبدا غير موصوف ، كان صداقا باطلا لجهالته ، ورجعت عليه بمهر مثلها قولا واحدا ؛ لأنه لم يتعين لها عبد ترجع بقيمته .
وحكي في القديم جوازه عن مالك ، وأن لها عبدا وسطا ، فمن أصحابنا من خرجه قولا ثانيا ، وأنكره سائرهم ، وقالوا : قد تكلم الشافعي على إبطاله بالجهالة .
ولو تزوجها على صداق مؤجل ، صح إن ذكر مدة الأجل ، وإن لم يذكرها كان باطلا .
وقال أبو عبيد : يصح ، ويكون حالا .
وقال الشعبي : يصح ، ويكون أجله إلى وقت الطلاق .
[ ص: 465 ] وقال الأوزاعي : يصح ، ويكون أجله إلى سنة ، وهذا فاسد ؛ لأن جهالة الأجل كجهالة المقدار فيكون لها مهر مثلها قولا واحدا ، كما كان لها مهر المثل في جهالة المقدار .


