الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في اختلاف الزوجين في قبض المهر ]

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " والقول قول المرأة ما قبضت مهرها ؛ لأنه حق من الحقوق ، فلا يزول إلا بإقرار الذي له الحق ومن إليه الحق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا اختلف الزوجان في قبض المهر مع اتفاقهما على قدره ، فقال الزوج : قد أقبضتك مهرك ، وقالت الزوجة : لم أقبضه ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ، أنها لم تقبضه ، وسواء كان قبل الدخول أو بعده ، أو قبل الزفاف أو بعده .

                                                                                                                                            [ ص: 501 ] وحكي عن بعض الفقهاء السبعة بالمدينة أنه إن كان قبل الزفاف فالقول قولها ، وإن كان بعد الزفاف فالقول قوله .

                                                                                                                                            وقال مالك : إن كان قبل الدخول فالقول قولها ، وإن كان بعد الدخول فالقول قوله ؛ استدلالا بالعرف أنها لا تسلم نفسها غالبا إلا بعد قبض المهر ، فكان الظاهر بعد الدخول والزفاف مع الزوج فقبل قوله ، وقبل الدخول والزفاف مع الزوجة فلم يقبل قوله .

                                                                                                                                            وهذا فاسد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، والزوج مدع فكلف البينة ، والزوجة منكرة فكلفت اليمين ، ولأن من ثبت في ذمته حق لغيره لم يقبل قوله في دفعه كالديون .

                                                                                                                                            فأما الاعتبار بالعادة فغير صحيح ؛ لأن عادات الناس فيه مختلفة ، ثم لو اتفقت لما تعلق بها حكم .

                                                                                                                                            ألا ترى أن مشتري السلعة إذا ادعى دفع ثمنها بعد قبضها لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة بأن السلعة لا تسلم إليه إلا بعد قبض الثمن منه .

                                                                                                                                            ولو ادعى الراهن قضاء الدين بعد رد الرهن عليه ، لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة أن الرهن لا يرد إلا بعد قبض الدين ، كذلك الزوجة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية