الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا سافر بواحدة منهن عن قرعة أو تراض لم يقض للمقيمات مدة سفره مع الخارجة ، سواء كان في السفر مخالطا لها أو معتزلا عنها ؛ لأن عائشة - رضي الله تعالى عنها - لما حكت قرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يسافر بها لم تحك بأنه قضى باقي نسائه مثل مدتها ، ولو فعله لحكته .

                                                                                                                                            وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين نسائه لبعض أسفاره ، فخرجت القرعة لعائشة وحفصة - رضي الله تعالى عنهما - فسافر بهما ، ولم يقض للباقيات .

                                                                                                                                            ولأن المسافرة معه ، وإن حظيت به ، فقد عانت من لأواء السفر ومشاقه ما صار في مقابلته ، كما أن المقيمات وإن أوحشهن فراقه ، فقد حصل لهن من رفاهة المقام ما في مقابلته ، فلا يجمع لهن بين القسم والرفاهة التي حرمتها المسافرة .

                                                                                                                                            قال الشافعي ، رحمه الله : أو كذلك إذا أراد أن يخرج باثنين أو أكثر ، أقرع " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجوز للزوج أن يسافر بواحدة من أربع ، وباثنين منهن ، وبثلاث ويخلف واحدة ، كما جاز له أن يسافر بواحدة ، ويخلف ثلاثا ، لكنه يستعمل القرعة في إخراج الواحدة ، فإذا قرع اثنان منهن ، وسافر بهما قسم بينهما في سفره ، كما كان [ ص: 592 ] يقسم بينهما في حضره ، إلا أن يعتزلهما فيسقط القسم لهما ، ولا يقضي المقيمين مدة سفره بالخارجتين ، وإن قسم لهما كما لا يقضي مدة سفره بالواحدة ، فلو سافر بواحدة منهن بالقرعة ، ثم أراد في سفره إخراج واحدة من المقيمات أقرع بينهن ، ولم يكن لهن أن ينفردن بالقرعة ؛ لأن فيها حقا للزوج فلا يبطل حقه من القرعة بانفرادهن بها ، وأقرع الحاكم بينهن ، وأخرج من قرعت منهن ، فإذا وصلت إليه استأنف القسم بينهما وبين المتقدمة معه ، ولم يقضها مدة سفرها إليه .

                                                                                                                                            فلو تراضى المقيمات بإخراج واحدة منهن بغير قرعة لم يجز لحق الزوج في القرعة ، فلو حصل معه في السفر اثنتان بالقرعة ، فأراد رد إحداهما ، لم يكن له ردها إلا بالقرعة ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية