فصل : فإذا تقرر ما وصفنا  وقذف أربع زوجات بكلمة واحدة   ، فلا يخلو في قذفهن من ثلاثة أحوال :  
أحدها : أن يمتنع من ملاعنتهم ، ففيما يحد لهن قولان :  
أحدهما : وهو القديم يحد لجماعتهن حدا واحدا إذا اجتمعن على الطلب ، فإذا طلبت واحدة فحد لها والباقيات متأخرات لغيبة ثم حضرن فطالبن لم يحد ثانية ؛ لئلا يضاعف عليه الحد بغيبتهن ، ويكون الحد مستوفي حق من حضر وغاب ، ولو حضرن فعفون إلا واحدة حد لها حدا كاملا ولم يتبعض الحد في حقوقهن .  
والقول الثاني : وهو الجديد يحد لكل واحدة حدا كاملا إذا طلبت ، فإن اجتمعن على الطلب وتنازعن في التقديم أقرع بينهن وقدم حق من قرع منهن .  
والحال الثانية : أن يجيب إلى ملاعنتهن ، فعليه أن يفرد كل واحدة منهن بلعان مفرد سواء قيل : إنه يحد لهن حدا واحدا أو حدودا ، ولا يجمع بينهن في لعان واحد لأمرين :  
 [ ص: 121 ] أحدهما : أن للعان كل واحدة حكما فلم يشتركن فيه .  
والثاني : أن اللعان يمين ، والأيمان لا تتداخل في حقوق الجماعة .  
وقال  أبو سعيد الإصطخري      :  استحلف  إسماعيل بن إسحاق القاضي   رجلا في حق لرجلين يمينا واحدة فاجتمع فقهاء زماننا على أنه خطأ     .  
قال  الداركي      : فسألت  أبا إسحاق المروزي   عن ذلك فقال : إن كانا ادعيا ذلك الحق من جهة واحدة ، مثل أن تداعيا دارا ورثاها عن أبيهما ، أو مالا شركة بينهما ، حلف لهما يمينا واحدة ، وإن كان الحق من جهتين حلف لكل واحد على الانفراد ؛ لأنه إذا جمع بينهما في اليمين وكان لأحدهما حق لم يحنث ، والمقصود باليمين ما تم الحنث إن كذب . وهذا الذي قاله  أبو إسحاق   صحيح ، وحقوق الزوجات هاهنا من جهات مشتركة مختلفة ؛ لأنهن لا يشتركن في زناء واحد ، وإذا  ثبت أنه يلتعن من كل واحدة لعانا مفردا وتنازعن في التقديم   ، أقرع بينهن وقدم من قرعت منهن لاستوائهن في الاستحقاق ، فإن قدم الحاكم بغير قرعة من رأى جاز وإن ترك من القرعة ما هو أولى ؛ لأنهن قد وصلن إلى حقوقهن .  
والحال الثالثة : أن يلتعن من بعضهن دون بعض لاعن لمن شاء منهن وحد لمن بقي . فإن كانت واحدة حد لها حدا كاملا ، وإن بقي اثنتان حد لهما - على قوله في القديم - حدا واحدا ، - وعلى قوله في الجديد - حدين ، فإن وقع التنازع في تقديم اللعان والحد قدم اللعان على الحد لخفته ؛ ولأن الحق فيه مشترك .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					